بعد عملية الأربعين، التي نفّذها حزب الله ضد إسرائيل صباح الأحد الماضي، عاد لبنان إلى قواعد الاشتباك السابقة لعملية اغتيال المسؤول العسكري الكبير في حزب الله فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية لبيروت. مساعٍ كثيرة بُذلت في الكواليس قادها الأميركيون في سبيل احتواء انتقام حزب الله ومنع التصعيد، وقد بدأ هذا الدور الأميركي يتكشف تباعاً، لا سيما لجهة الحرص على الردّ المضبوط من قبل الحزب، والضربة الاستباقية من قبل الإسرائيليين، وهي ضربات لم يحصل فيها أي خطأ من شأنه أن يستدرج الجبهة الجنوبية للبنان إلى مزيد من التصعيد وفق ما ورد في "الجريدة" الكويتية.
بذلك تجاوز لبنان قطوعاً لمرحلة معينة، ولكن من دون ضمانات بعدم عودة مخاطر التصعيد الأكبر، طالما أن الحرب مستمرة على غزة، والجبهة مفتوحة من قبل الحزب الذي يرفض أي وقف لعملياته، بما أنه لم يتم الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
في الوقت نفسه، هناك محاولات للالتفاف على أي تصعيد من خلال تمرير محطة التمديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل)، وسط مساعٍ بذلت لإبقاء الصيغة القديمة من دون إدخال تعديلات عليها، لا سيما أن لبنان نجح في التوافق مع فرنسا، وروسيا والصين على اعتماد الصيغة القديمة وعدم تخفيض مدة ولاية «يونيفيل» إلى 6 أشهر بدلاً من سنة.
في المقابل، هناك تعقيدات جديدة تطرأ على مسألة دور يونيفيل والدولة اللبنانية ما بعد وقف الحرب، وأبرز هذه المعضلات هو كيفية مواجهة معضلة سلاح حزب الله الموجود في الجنوب، في ضوء ما كشفه الحزب عن أسلحته وصواريخه ومسيّراته القادرة على الوصول إلى تل أبيب والإعلان عن صواريخه البالستية أو كشفه عن الأنفاق، وفق ما صدر في فيديو عماد 4، إذ إن كل هذه الأسلحة والتوازنات العسكرية التي يحاول الحزب تكريسها تتجاوز أي مساحة ترتبط بتطبيق القرار 1701 وبمساحة عمل قوات يونيفيل في جنوب نهر الليطاني، لا سيما بعدما أعلن نصرالله القدرة على إطلاق مسيّرات من البقاع أي من مسافات تتجاوز عشرات الكيلومترات.
كل هذه الملفات والبنود تبدو حاضرة في المفاوضات الدولية، من دون توافر أي بلورة لصورة الحلّ في المرحلة التالية لما بعد الحرب، وما هي الضمانات التي يمكن أن يتم تقديمها بشكل يوفر الأمن لسكان المستوطنات الشمالية في إسرائيل.
وذلك ما يسعى الإسرائيليون للضغط من خلاله على القوى الدولية في إطار التحفيز على دعم تل أبيب، في أي عملية عسكرية تفكّر تنفيذها في لبنان في المرحلة اللاحقة، أو الضغط في سبيل الحصول على هذه الضمانات.
وبذلك أصبح الواقع في لبنان شديد التعقيد، على الرغم من انخفاض منسوب الانفجار العسكري للحرب والمساعي القائمة لتجنّبها، مما يعني أن لبنان سيكون أمام احتمال من اثنين، إما الوصول إلى اتفاق كبير مع ضمانات كبرى برعاية قوى دولية وإقليمية بما فيها إيران، وإما أن الحرب ستكون واقعة، لكنها مؤجلة، وفق ما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، قبل أيام بحسب "الجريدة" الكويتية.