لوقف الموت بجرعات زائدة.. مدن كندية تسعى لتشريع المخدرات

تسعى مدينة تورنتو، كبرى مدن كندا، إلى إلغاء تجريم حيازة المخدرات غير المشروعة، وذلك مع الارتفاع المضطرد في الوفيات الناجمة عن تناول جرعات زائدة، وفقا لما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وأوضح مجلس الصحة في تورونتو في وقت سابق من هذا الشهر إنه يعتزم للحصول على إذن من الحكومة الفيدرالية للسماح لمتعاطي المخدرات بحمل كميات صغيرة للاستخدام الشخصي، بما في ذلك الهيروين والفنتانيل والكوكايين، دون أي خوف من الملاحقة القضائية، وعلى ألا يشمل الإعفاء الاتجار بالمخدرات، والذي سوف يبقى جريمة جنائية.

ويأمل مسؤولو المدينة أن يؤدي إلغاء التجريم إلى تسهيل حصول الناس على المساعدة بحيث لا يتناولون جرعات زائدة تقضي حياتهم، بالإضافة إلى أن ذلك الإعفاء سوف يساعدهم في الحصول على عمل أو وظيفة وتوفير حياة مستقرة لعدم وجود سجلات جنائية تدينهم.

وقبل تورونتو كانت مدينة فانكوفر قد تقدمت بطلب مماثل في مايو الماضي ولتسير على خطاها مقاطعة كولومبيا البريطانية، التي قدمت طلبًا خاصًا بها لإلغاء تجريم حيازة المخدرات في نوفمبر.

وأوضحت كبيرة الأطباء في تورنتو، إيلين دي فيلا، خلال عرض تقديمي بمجلس صحة المدينة في 6 ديسمبر الحالي أن الأساليب الحالية لمكافحة التعاطي ومواجهة خطر الموت بالجرعات الزائدة لم تعد فعالة.

وكان قد توفي 6265 شخصًا من جرعات زائدة في العام الماضي، فيما قضى 1772 شخصًا في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، علما أن عدد سكان كندا لا يتجاوز 38 مليون نسمة.

ووفقًا لإحصاءات مدينة تورنتو، فقد توفي 531 شخصًا بسبب الجرعات الزائدة من المواد المخدرة في عام 2020، وهو أكبر عدد في عام واحد، ويمثل زيادة بنسبة 81٪ عن عام 2019.

ومنذ يونيو الماضي، قضى 282 شخصًا حتى، ما يعني أن المدينة تتجه إلى تحطيم الرقم الذي سجل في العام المنصرم.

وفي فانكوفر، توفي 414 شخصًا بسبب الجرعات الزائدة، فيما مات 355 آخرون بين يناير وسبتمبر من هذا العام.

خطة مفصلة

ومن المتوقع أن يضع مسؤولو مدينة تورنتو خطة مفصلة لكيفية عمل إلغاء التجريم عقب الحصول على موافقة الحكومة الفيدرالية بما في ذلك تحديد كمية المخدرات التي يمكن للأشخاص حملها واستهلاكها بشكل قانوني، ونوعية الخدمات الطبية لمساعدة المتعاطين على عدم تعاطي جرعات زائدة تودي بحياتهم.

وفي هذا السياق أوضحت دي فيلا أن تجريم تعاطي المخدرات مكلف والعوائد لا تبرر التكلفة.

ففي مقاطعة أونتاريو، حيث تقع تورنتو، أنفقت الحكومات المحلية في العام 2017 نحو 3.7 مليار دولار كندي، أي ما يعادل 3 مليارات دولار أميركي تقريبًا، لمكافحة تعاطي المخدرات وحيازتها ، لكن الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة استمرت في الازدياد.

وهنا يرى عضو مجلس مدينة تورنتو ورئيس مجلس الصحة بالمدينة، جو كريسي، أن الأدلة السريرية تدعم فكرة أن قضية تعاطي المخدرات يجب أن تعامل كمسألة صحية وليس كفعل إجرامي.

وعلى الرغم من أن الجدول الزمني للموافقة من الحكومة الفيدرالية غير واضح، فإن كريسي أكد استعداد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو للتعامل مع المشكلة قد شجعهم على المضي قدما في تقديم طلب الإعفاء

وكان ترودو قد عين في أكتوبر الماضي وزيرا للصحة العقلية والإدمان، مما يعني أن "الحكومة الفيدرالية جادة بشأن هذه القضية" وفقا لكريسي، الذي أوضح أن "إلغاء التجريم لأولئك الذين يعانون من الإدمان بالحصول بسهولة أكبر على الخدمات الصحية".

وعدّ أن مجرد إزالة العقوبات الجنائية وحده "لن يوقف ظاهرة الجرعات الزائدة، وأنه لابد من زيادة الميزانيات المخصصة لخدمات علاج الإدمان والوقاية من الجرعات الزائدة.

من جانبه، قال ترودو في مقابلة تلفزيونية أذيعت مؤخرا أن حكومته منفتحة على فكرة إلغاء تجريم المخدرات، رغم أنه لم يلتزم باتخاذ هذه الخطوة.

وتابع: "نحن نبحث إمكانية ذلك وآليه عملها بالشراكة مع حكومات الأقاليم".