برع طبيب القلب المصري مجدي يعقوب في علاج مرضى على شفا الموت فسمّي بـ"أمير القلوب"، وعلى دربه يبزغ اسم مصري جديد لكن في تخصص آخر وهو أبحاث علاج مرضى السرطان.
قبل سنوات عدّة وفي عمر الخامسة عشر تقريبا، تلقت المصرية سارة محمود حجي صدمة كبرى بوفاة إحدى قريباتها إثر إصابتها بسرطان البنكرياس.
كان وقع الحادث مريرا على فتاة في عامها الأخير بمرحلة الثانوية العامة، فعقدت العزم على مساعدة أناس لا تعرفهم يعانون المرض نفسه الذي قتل قريبتها، وأن تساعد البشرية في تقديم الأبحاث حول السرطانات.
سنوات مرّت وانضمت بالفعل سارة لكلية الصيدلة والتكنولوجيا الحيوية التابعة للجامعة الألمانية في القاهرة، حيث أصبحت من بين المجيدات في صفها، وقدمت بحثا فريدا من نوعه حصل مؤخرا على جائزة "Richtzenhain" من المركز الألماني لأبحاث السرطان، كأفضل بحث في مجال السرطان في ألمانيا.
وتصف سارة التي حصلت على الماجستير والدكتوراة من جامعة هايدلبرغ والمركز الألماني لأبحاث السرطان، حلم الجائزة وتحويل حياة ملايين المصابين بـ"المثالي"، مضيفة: "شكرًا لرب الكون الذي ساندني ولآلاف البشر الذين دعموني ولمدربيني وأسرتي الذين ساهموا في بناء الإنسان بداخلي الحالم والقادر على جعل المستحيل حقيقة".
من هنا كانت البداية
وذكرت سارة، في حديثها مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أنّ: "رحمة الله عليها حنان التي رحلت قبيل فرحها بعد إصابتها بالسرطان، كانت وفاتها دافعًا كبيرًا لي للتساؤل حول السرطان وماهيته، وأن أفكر في أن أكون واحدة من المؤثرات في العالم والمساهمة في خدمة المصابين".
ونوّهت: "قلت لنفسي لن تكون وفاتها مجرد ذكرى عابرة، سأحول ألمها وحزني لمادة تقودني نحو الهدف، وأن أحيي ذكراها دائما بالسعي للوصول للهدف الأسمى وتحقيق الأبحاث النافعة للبشرية".
وسعت سارة، خريجة كلية الصيدلة والتكنولوجيا الحيوية بالجامعة الألمانية في القاهرة، إلى إثبات وجود علاقة نسبية بين الهرمونات الجنسية لدى المرأة مثل هرمون الإستروجين وتأثيره على الأعضاء غير الجنسية كالأمعاء والبنكرياس.
منحة كبرى
واستطاعت سارة الحصول على منحة قدرها 2.7 مليون دولار من المعهد الوطني والصحي بأميركا، لمواصلة التوسع في نتائج أبحاثها بعد النتائج المميزة التي توصلت إليها، والبحث عن تطوير علاج يحد من المرض.
وأثبتت الشابة المصرية في بحثها أنه عندما يتم إفراز هذه الهرمونات من المبيض تتجه إلى الخلايا الجذعية الموجودة في الأمعاء والتي تعتبر المواد الخام بالجسم، التي تتولد منها جميع الخلايا الأخرى ذات الوظائف المتخصصة، وتنقسم لتكوّن مزيدًا من الخلايا الوليدة.
وأكدت في بحثها أنه عندما يحدث خلل في طبيعة عمل تلك الخلايا تنتج عنها مضاعفات، حيث يؤثر زيادة انقسامها على الحد الطبيعي إلى تضخم حجم الأمعاء لامتصاص مواد غذائية أكثر ما يؤدي إلى الإصابة بالالتهابات وشيخوخة المعدة وتطور الأورام السرطانية.
تهنئة ألمانية
وهنأت السفارة الألمانية بالقاهرة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الباحثة المصرية الفائزة مؤخرًا بجائزة "ريشتسينهاين" لأفضل بحث عن السرطان في ألمانيا.
وبنبرات التحدي والقوة أكدت المصرية أنّ: "أكثر من 97 بالمئة من التجارب التي قمت بها على مدار السنوات كانت عن طريقي، حتى جاء كرم الله جليًا بالفوز بالمنحة المالية الكبرى لكي تكتمل الأبحاث، ونصل للنتيجة المرجوة والوصول للعلاج ونزع المرض من أجساد ملايين المصابين".
وأكملت المصرية حديثها مع موقع "سكاي نيوز عربية": "قررت أن أخدم البشرية من خلال التدريب القيادي، لكي أعطي الفرصة والمساحة لكثير من الشباب الذين يريدون الوصول ولكن هناك أزمات وعقبات تواجههم لا يستطيعون التغلب عليها، فهدفي حاليًا هو فتح المجال لهم للوصول وتحقيق كافة أحلامهم".
ويعد تأثير اكتشاف وعمل الباحثة المصرية كبيرا للغاية، لأنه يعد المرة الأولى التي يكشف فيها أن هناك علاقة بين تلك الهرمونات وتضخم حجم الورم السرطاني في تلك المنطقة من الجسم، لترفع الستار عن تلك الظاهرة التي حيّرت الكثير من العلماء.
وتشير، في هذا الصدد: "لابد وأن نهتم بالغذاء وبصحتنا النفسية والابتعاد عن المواد الحافظة والكيميائية التي لها أثر بالغ على الصحة".
منافسة شرسة
واستطردت سارة، التي نافست نحو 400 عالم من مختلف أنحاء العالم ترشحوا للفوز بالجائزة: "كأفراد نسير في الحياة للتسابق نحو خط الوصول، لكن ما يحدث هو التسابق مع العادات والتقاليد التي تربينا عليها، لنخرج من السباق مع مرور الوقت وظهور العقبات والتحديات، لذلك لابد من بناء جيل لديه فن القيادة، والسير بتركيز نحو الهدف دون العدول عن الطريق الصحيح".
دعم لا يتوقف
وعن دعم الأهل، أكدت سارة: "رزقني الله بأم رائعة زرعت فيّ حب إفادة البشرية وأب يعمل المستحيل لتحقيق التميز وأن نعيش عيشة كريمة.. فهم كل شئ في الحياة ولهم كل التقدير والمود، فدعواتهم دومًا كانت أن يرزقني رب العالمين بعلم نافع".
وأكملت: "والدي لم يتخيل أنني سأسافر يوما ما، كما أن فكرة الخروج من مصر كانت غير موجودة بحكم العادات والتقاليد وأننا كأسرة محافظة، ولكن شغفي ألهمه وجعله يوافق على السفر وإكمال هذه المرحلة والتميز".
ووجهت المصرية الحائزة على أفضل بحث علمي في ألمانيا رسالة لجميع الشباب قائلة: "استثمروا في نفوسكم، واسعوا جاهدين للتدريب القيادي، واكسروا كل العقبات التي ترونها، فكل شيء يقف أمامكم مانعا، من الممكن أن تمحوه وتزيلوا أثره السلبي مهما كان".