الاستسلام بوابة الانتصار!

في تاريخ العرب بيت شعر مدمِّر مشهور هو:

وَنحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عندنا

لَنا الصَدرُ دونَ العَالَمينَ أو القَبرُ

أي أن الحروب وحتى الخلافات الشخصية عندنا يجب أن تنتهي بالانتصار أو الموت والدمار، لذا اشتُهرت لدينا حروب بالأمس امتدت لعقود، كحال حروب داحس والغبراء والبسوس حتى نسى المتحاربون سبب الحرب في سعيهم للانتصار أو الموت، وهو ما نشهده هذه الأيام في الحروب الأهلية في أوطاننا العربية المشتعلة منذ عقود، من دون أمل بانتهائها قبل أن يفنى آخر مقاتل بها، وحتى لا يبقى حجر على حجر في أوطانهم، في ظاهرة غير مسبوقة بالتاريخ، حيث تدخل الأمم الأخرى في حروب أهلية تخرج منها سريعاً.

للعلم... أكبر وأعظم وأكثر أمم الأرض تقدماً تؤمن تماماً بعكس ما نؤمن به، وهو أن هناك بديلاً ثالثاً عن خيارَي الانتصار أو الدمار، وهو الاستسلام والاعتراف بالهزيمة والإقرار بانتصار الطرف الآخر ودفع الثمن المقرر، وهو ما قامت به ألمانيا وإيطاليا واليابان عام 1945، ولاحقاً أمم عظمى كحال الولايات المتحدة في فيتنام والاتحاد السوفيتي في أفغانستان أي الاعتراف بالهزيمة والانسحاب ودفع الثمن وتقليل الخسائر.

آخر محطة:

في عام 1948 لم نعترف بالهزيمة ونقبل بقرار التقسيم ومشروع الدولتين الذي بكينا دماً لاحقاً عليه، والحال كذلك عام 1967، فبدلاً من الإقرار بالهزيمة واسترداد أراضينا كاملة غير منقوصة مقابل فقط وقف حالة العداء، خرجنا للعالم بـ لاءات قمة الخرطوم، التي يفترض أن يرفعها الطرف المنتصر، لا المهزوم كحالنا، وكرت السبحة في جميع حروبنا اللاحقة من دون استثناء...

نُهزم ونُدمَّر ونُصر على مواصلة الحروب حتى لا يبقى لدينا حجر على حجر في أوطاننا وهو ما يسعد بحق أعداءنا، وما أم المعارك وأم الحواسم الصدامتين عنا ببعيدتين ويا.. أمة ضحكت وقهقهت من جهلها الأمم.. وما زالت!

النهار الكويتية

يقرأون الآن