كثفت الجبهة العراقية، عملياتها العسكرية تجاه إسرائيل، إذ أطلقت أكثر من 25 طائرة مسيرة وصاروخا خلال ثلاثة أيام، للتخفيف عن الجبهة اللبنانية التي يقودها "حزب الله"، والرد على قيام إسرائيل باغتيال قيادي في كتائب "حزب الله" العراقية في دمشق.
ومنذ 15 أيلول/ سبتمبر، قامت الفصائل العراقية وأبرزها "كتائب حزب الله"، و"كتائب سيد الشهداء"، و"حركة النجباء"، بإطلاق الطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل من الأراضي العراقية عبر سوريا، وكذلك صواريخ كروز المطورة والتي أطلق عليها اسم "الأرقب"، عبر 11 هجوما، ليصبح إجمالي هجوم الفصائل العراقية أكثر من 200 منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأفيد بان القيادات العسكرية لـ"محور المقاومة"، تعقد اجتماعات بشكل شبه يومي في بغداد، بحضور ممثلين إيرانيين ولبنانيين ويمنيين، لبحث التطورات في الجبهة اللبنانية، التي تعرضت لضربات موجعة من قبل إسرائيل خلال الأسبوع الماضي، من خلال اغتيال قادة الخط الأول لـ"حزب الله"، وإصابة الآلاف بتفجير أجهزة "البيجر" بالإضافة إلى الهجوم الجوي على جنوب لبنان.
وأشارت المصادر إلى أن قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني، إسماعيل قآني زار بغداد الأسبوع الماضي، لترتيب أوراق الجبهة العراقية غير الفعالة، ومنع اختراقها، من أجل مساندة "حزب الله" والتخفيف من الهجوم الإسرائيلي على لبنان.
ووفقا للمصادر، فإن الجبهة العراقية ستكون محدودة التأثير، حسب ما تريده إيران، فقد تستخدم الأراضي السورية في المدة المقبلة، لاستهداف الجولان وبعض المناطق المجاورة لها، بسبب الانتشار الكبير للفصائل العراقية داخل سوريا.
من جهة أخرى، قال القيادي في "كتائب سيد الشهداء" عباس الزيدي، إن العمليات المساندة لجبهتي غزة ولبنان، انطلقت من العراق من أجل التخفيف عنهما، مشيرا إلى أن أميركا هي من يخطط ويقود العمليات في المنطقة بدلا عن إسرائيل. وأضاف أن "المقاومة العراقية" تؤمن بوحدة الساحات، "لذلك لدينا دراسة كبيرة عن قدرات العدو الإسرائيلي"، مبينا أن "تركيزنا الحالي على مدينة حيفا، لأنها تمتلك ثقلا كبيرا داخل إسرائيل، واستهدافها المتكرر سيساهم في نزوح السكان".
ونبه الزيدي، إلى أن "تعداد المقاومة العراقية أكثر من 100 ألف مقاتل، وستكون الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت الكبيرة للعدو"، مبينا أن "محور المقاومة" يراهن على العناصر من أفغانستان وباكستان وشرق آسيا للانضمام إلى قتال إسرائيل. ولفت إلى أن العمليات ستبقى مستمرة حتى إيقاف الحرب في غزة، وأن "القواعد الأميركية في سوريا ستكون تحت نيران المقاومة، إذا اشتركت في دعم إسرائيل".
وتتخوف إيران من تفعيل الجبهة العراقية لأسباب عديدة، أبرزها امتلاك الحليف الاستراتيجي لإسرائيل، وهي أميركا، قواعد عسكرية داخل العراق وتأثيرا كبيرا داخل السياسة العراقية، مما قد يؤدي إلى فوضى قد تطيح بالحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، التي شكلها الإطار التنسيقي الذي يمتلك علاقات متينة مع إيران، وكذلك الحذر من فرض مزيد من القيود على الشركات العراقية التي وصل عددها أكثر من 250 شركة، ممنوعة من التعامل بالدولار، والتي كانت تستخدمها إيران، في استيراد بعض السلع للالتفاف على الحصار الاقتصادي المفروض عليها منذ سنوات.
ووفقا للمصادر، فإن قآني طلب خلال زيارته لبغداد، الحد من الخلافات داخل قوى الإطار التنسيقي، والإبقاء على دعم الحكومة الحالية، بعد توجه كبير بإقالتها بسبب اتهامات بالتجسس على قادة الإطار التنسيقي وعائلتهم من قبل مسؤولين في مكتب رئاسة الحكومة.
وتترقب الأوساط السياسية العراقية، ضربة جوية من إسرائيل، للفصائل العراقية، حسب الإطار التنسيقي الذي صرح، بأن إسرائيل قد تستهدف العراق، إذ لا تمتلك بغداد القدرة على التصدي لأي اختراق أجنبي عبر سمائها، كما نفذت إسرائيل سابقا، ضربات على بعض الفصائل، لذلك قامت الحكومة بالتعاقد مع كوريا الجنوبية، لشراء نظام دفاع جوي اسمه "تشيونغونغ-2" بقيمة 2.78 مليار دولار، لاعتراض الصواريخ والطائرات الغريبة.
وتعيش الحكومة العراقية، ازدواجية كبيرة، فهي لا تملك القرار على مستوى الدولة، للدخول ضمن الصراع الإسرائيلي–الإيراني الحالي. لكن الفصائل العراقية التي هي جزء من مؤسسة "الحشد الشعبي" الحكومية، انخرطت رسميا في الصراع. وتستهدف إسرائيل من الأراضي العراقية، الأمر الذي جعلها في موقف محرج، خلال المباحثات مع المسؤولين الغربيين والأميركان، مما جعلها تبحث عن تهدئة لإبعاد البلاد عن التوتر الحاصل.
وعلى المستوى السياسي يشهد العراق انقساما داخليا كبيرا، حول الصراع الإسرائيلي–الإيراني، إذ ترفض معظم القوى السياسية السنية والكردية وكذلك جزء من الشيعية، استخدام الأراضي العراقية لإدخال العراق ضمن هذا الصراع، رغم الرفض الشعبي للعمليات التي تقوم بها إسرائيل في غزة ولبنان، كما ينتقدون تفرج الحكومة العراقية، وعدم الرد على حركات الفصائل العراقية، التي تعمل في سوريا واليمن بضرب المصالح الأميركية والغربية، خصوصا أن هذه الفصائل طالبت بانسحاب القوات الأميركية من العراق، الأمر الذي حققته الحكومة بجدولة انسحاب القوات الأميركية خلال السنتين القادمتين.
المرجع الشيعي البارز، علي السيستاني، ساند الجبهة اللبنانية، بعد إصداره بيانا، طالب فيه، بالقيام بما يساهم في تخفيف معاناة اللبنانيين وتأمين احتياجاتهم الإنسانية.
تأييدا للسيستاني، فتحت الحكومة العراقية جسرا جويا مع لبنان، ووصلت أطنان من المساعدات الغذائية والطبية، ولكن فسرت الفصائل العراقية بيان السيستاني، بأنه دعم مطلق لـ"حزب الله"، مما يتطلب دعمهم بالسلاح والرجال، وليس فقط المواد الطبية والغذائية، وهذا الأمر قد يؤدي إلى حملات لتطويع الشباب للقتال في لبنان.
الإعلامي المقرب من الفصائل العراقية، أحمد عبد السادة، تحدث أن المقاومة العراقية كانت قبل "طوفان الأقصى"، ذات طابع محلي، ولكن أصبحت اليوم تعمل باستراتيجية، إذ تعمل ضد القوات الأميركية في سوريا، وتستهدف إسرائيل عبر الصواريخ والطائرات المسيرة، ولديها تنسيق عالٍ مع الحوثيين لاستهداف السفن في البحرين الأحمر والمتوسط.