توقعت مصادر مطلعة، ان تُطرح على بساط البحث في الأيام المقبلة، نتائج زيارة ميقاتي لقطر والاجتماعات واللقاءات التي عقدها ومدى تطابقها مع التوقعات التي وصفتها بأنّها محطة جديدة في مسار إعادة تصحيح علاقات لبنان مع دول الخليج وإعادته الى الحضن العربي، بعد مرحلة من التوترات والتباعد.
وإن غابت المعلومات عن أي لقاء جمعه ميقاتي مع أي مسؤول سعودي في الدوحة، فقد اعتُبر اللقاء الأبرز الذي عقده مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولقاؤه مع الوزير القطري الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني. ونقل ميقاتي عن أمير قطر، أنّ وزير الخارجية القطري سيزور بيروت، ليطلع شخصياً على الحاجات التي يطلبها لبنان. واكّد "أنّ لبنان في حاجة إلى الاحتضان العربي"، وأنّه سيزور عدداً من الدول العربية، ومشدّداً على أنّ "لا خيار أمامنا سوى التعاون مع صندوق النقد الدولي لوضع لبنان على سكة التعافي". وقال: "لبنان في حاجة دائماً إلى رعاية عربية كهذه، وقطر إلى جانب لبنان، وبإذن الله كل الدول العربية، ودول الخليج بالذات، ستعيد علاقاتها الطبيعية مع لبنان، ونحن في حاجة إلى هذا الاحتضان العربي لوطننا".
الحضور العربي
وإلى ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية انّ التطور المتعلق بإعادة الدول الخليجية تعزيز حضورها الديبلوماسي قريباً في لبنان لم يحصل بين ليلة وضحاها، إنما ارتبط بمسارين داخلي وخارجي:
ـ المسار الأول، التزم فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عدم السماح بتحويل لبنان منصة لاستهداف الدول الخليجية، وقد تصرّف على هذا الأساس في بيانات الحكومة والمواقف الصادرة عنه والتي حظيت بإشادة سعودية، وبالتالي لولا التزام ميقاتي بأجندة صارمة تستنكر كل اعتداء على المملكة العربية السعودية وتصرّ على أفضل العلاقات معها ومع الدول الخليجية لما سلك مسار العودة الخليجية طريقه.
ـ المسار الثاني، خارجي وتصدّرته ثلاث عواصم: واشنطن وباريس والقاهرة، حيث عملت على إقناع الرياض بضرورة إعادة تفعيل حضورها في لبنان من أجل إبقاء ميزان القوى الخارجي طابشاً لمصلحة المجتمعين العربي والغربي على حساب الدور الإيراني، لأنّ طهران ستملأ الفراغ الناتج من أي انسحاب او خروج او ابتعاد خليجي، وبالتالي لا مصلحة إطلاقاً بترك الساحة اللبنانية لإيران.
وقد أثمرت الجهود الثلاثية الأميركية والفرنسية والمصرية في إقناع السعودية بإعادة النظر في موقفها من لبنان، من منطلق انّ ابتعادها عنه يعزِّز الحضور الإيراني، فيما اقترابها يؤدي إلى لجمه، وانّ التخلي عن الساحة اللبنانية لطهران لا يفيد بشيء، إنما من الضرورة اعتماد سياسة ربط نزاع معها وإرباكها في لبنان بدلاً من ترييحها. وقد ارتكزت وجهة نظر الثلاثي على ثلاثة عوامل أساسية:
ـ العامل الأول، حرص رئيس الحكومة على أفضل العلاقات مع الدول الخليجية، ووضع كل ما يلزم لعدم السماح باستخدام لبنان منصّة لاستهدافها.
ـ العامل الثاني، تصدّي شريحة واسعة من القوى السياسية للنفوذ الإيراني في لبنان، وهذه الشريحة يجب دعمها وتظليلها لا التخلّي عنها.
ـ العامل الثالث، ضرورة التمييز بين رفض تقديم أي دعم للسلطة الممسوكة من "حزب الله"، وبين ضرورة تقديم الدعم للشعب اللبناني من أجل تمكينه في سياق سياسة صمود تخوله المشاركة في الانتخابات النيابية لكفّ يد الفريق الحاكم.
ومعلوم انّ الانتخابات النيابية تحظى بدعم دولي كبير، وهناك خشية دولية من ان تؤدي الأوضاع المالية المزرية إلى إحباط الناس وعدم مشاركتها الكثيفة في الانتخابات، الأمر الذي تستفيد منه السلطة الحالية، وهذا ما يفسِّر توقيت إعادة الرياض تعزيز دورها، أي قبل الانتخابات مباشرة، لأنّ نشوء غالبية نيابية مؤيّدة للتوجّه العربي والدولي يؤدي إلى تقليص مساحة استخدام "حزب الله" للغطاء الشرعي.
الجمهورية