حيث وجد باحثون في (جامعة إلينوي أوربانا شامبين) أن الفئران التي عانت من الإجهاد والصدمات النفسية عندما كانت صغيرة كانت أكثر عرضة للإصابة باضطراب المناعة الذاتية وأقل عرضة للاستجابة للعلاج الشائع. ومع ذلك، فإن العلاج الذي نشط مستقبل الخلايا المناعية قد خفف من آثار المشاكل النفسية لدى الفئران.
تجدر الإشارة إلى أن مرض التصلب العصبي المتعدد هو أحد أمراض المناعة الذاتية التدريجي الذي يهاجم الجسم ويزيل الطبقة الواقية حول الخلايا العصبية، مما يؤدي إلى مجموعة واسعة من الأعراض العصبية، حيث تلعب كل من العوامل الوراثية والبيئية دوراً في تطور المرض وشدته.
ويقول ماكوتو إينو، أستاذ العلوم الحيوية المقارنة في جامعة إلينوي أوربانا شامبين، أن الدراسات السابقة أظهرت أن التعرض لصدمات نفسية في وقت مبكر من العمر تزيد من قابلية الإصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد الأكثر حدة، لكن الباحثين لم يتمكنوا من تحديد كيفية حدوث ذلك حتى الآن.
ولكن في هذه الدراسة الجديدة التي نشرت في مجلة Nature Communications العلمية المرموقة، درس فريق جامعة إلينوي أوربانا شامبين نموذج الفئران المصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد، حيث كانت الفئران معرضة وراثيا للإصابة بالتهاب الدماغ و النخاع المناعي الذاتي التجريبي، وهو النموذج الأكثر استخداماً لدراسة مرض التصلب العصبي المتعدد.
مرض التصلب العصبي
وقد راقب الباحثين تطور مرض التصلب العصبي المتعدد في الفئران التي انفصلت عن أمها لفترة وجيزة وأعطيت حقنة ملحية أثناء صغرها، وقارنوها بالفئران التي لم تتعرض لنفس الإجهاد أو الصدمة النفسية.
وقد قال يي مينج خاو، طالب الدراسات العليا والمؤلف الرئيسي للدراسة: " كانت الفئران التي تعرضت لصدمة نفسية مبكرة أكثر عرضة لتطور مرض التصلب العصبي المتعدد وعانت من شلل حركي طويل الأمد مع تلف عصبي شديد في الجهاز العصبي المركزي، والذي وجدنا أنه كان ناجماً عن استجابة مناعية متزايدة ".
وبحسب الباحثين، فقد تتبعوا خلال الدراسة محفزات الإصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد في الجهاز المناعي، والذي كان على وجه الخصوص عبارة عن مستقبل يرتبط بهرمون الإجهاد نورإبينفرين، حيث وجد الباحثون أن الإجهاد في مرحلة الطفولة لدى الفئران أدى إلى إطلاق مطول لهرمون النورادرينالين، وأنه قد تم تنشيط هذا المستقبل لفترات طويلة من الزمن، مما أدى إلى تقليل فعالية وقدرة الخلايا على التعبير عن وظائفها، مما جعل الجهاز المناعي أقل تجهيزاً للاستجابة للتوتر والالتهاب الناتج عن الإصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد.
الأهم من ذلك، أن الفئران التي أصيبت بمرض التصلب العصبي المتعدد بعد الإجهاد في طفولتها لم تستجب للعلاج بعقار الإنترفيرون بيتا، وهو أحد العلاجات الأولية التي توصف على نطاق واسع للأفراد المصابين بمرض التصلب العصبي المتعدد، وفي الوقت نفسه، منع الدواء بشكل فعال تطور مرض التصلب العصبي المتعدد لدى الفئران التي لم تعاني من الإجهاد النفسي في مرحلة الطفولة.
بعد ذلك عالج الباحثين الفئران بمركب يعزز استجابة المستقبلات، مما منع حدوث الشلل وأبطأ تلف الحبل الشوكي، بالإضافة إلى ذلك استجابت الفئران التي تلقت العلاج للعلاج بالإنترفيرون بيتا، على الرغم من أنها لم تستجب له من قبل.
كما قال إينو: " يشير هذا العمل إلى أن الأفراد الذين عانوا من صدمات نفسية في مرحلة الطفولة يصابون بأمراض المناعة الذاتية مع أعراض وآليات تختلف اختلافاً كبيراً عن أقرانهم الذين ليس لديهم تاريخ من صدمات الطفولة، وقد يحتاجون إلى علاج طبي مختلف وأنه قد يكون هذا العلاج المنشط لمستقبلات الخلايا المناعية دواء علاجياً لمرضى التصلب العصبي المتعدد الذين عانوا من تلك الصدمات النفسية ".