بدأت الولاية الجديدة لمجلس نواب العام 2022، وبدأ معها الكثير من الأسئلة والتكهنات والتحليلات والتوقعات وحتى المواقف، خصوصاً من قبل النواب الجدد الذين يدخلون البرلمان للمرة الأولى، وتركزت هذه المواقف حول أول استحقاق ينتظر المجلس النيابي، ألا وهو جلسة إنتخاب رئيس المجلس ونائبه وأعضاء هيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان وأعضائها.
وبما أن المادة 44 من الدستورمعطوفة على المادة الثانية من النظام الداخلي لمجلس النواب تحدد آلية الجلسة، خصوصاً لجهة أن أكبر الأعضاء سناً هو من يتولى توجيه الدعوة للجلسة، وبما أن رئيس السن في المجلس الجديد هو الرئيس نبيه بري والمرشح الوحيد لرئاسة المجلس، فإن الجلسة ستُسجل سابقة هي الأولى من نوعها في هذا المجال.
وعطفا على ما تقدم، وإفساحاً في المجال أمام النواب الجدد الذين يبلغ عددهم 51 نائباً بأن يطلعوا على الدستور والنظام الداخلي، فإن بري يتريث في الدعوة لعقد الجلسة ربما حتى الأسبوع المقبل، طالما لديه مهلة 15 يوماً من تاريخ بدء ولاية المجلس الجديد، وفقاً لما يحدده النظام الداخلي. وهذا التريث يُفسح في المجال أمامه للتشاور مع بعض القوى السياسية والكتل والنواب تحضيراً للجلسة بعيداً من التشنجات والخطابات والمواقف العالية السقوف التي أعلنت معارضتها لإنتخاب بري، وهو المرشح الأوحد من قبل الثنائي الشيعي والعرف السائد أن رئاسة المجلس النيابي هي من حصة الطائفة الشيعية.
وعلى الرغم من محاولات احتواء المواقف المتشنجة وتبريد "الرؤوس الحامية" على حد تعبير بري نفسه، فإن الكثير من الأسئلة والفرضيات والإشكاليات تطرح نفسها في هذه السابقة في تاريخ لبنان والبرلمان ومنها: هل سيقبل بري برئاسة البرلمان بحصيلة أصوات ضعيفة، علماً أن العدد المضمون حتى الآن هو نحو 60 صوتاً بلا "التيار الوطني الحر"؟ سيما وأن النصاب المطلوب للجلسة هو 65 نائباً ويفوز في حال حصل على الأغلبية المطلقة من الدورة الأولى، وإلا يتم اللجوء لدورة ثانية وثالثة ويفوز بالغالبية النسبية، وهنا بيت القصيد مما يجري.
وهذه الفرضية تقود إلى إشكالية، أن بري هو رئيس السن ويستطيع أن يبقى هكذا طالما لم يحصل على الأكثرية في جلسات انتخاب رئيس مجلس النواب، وبالتالي ماذا يمكن أن يحصل في حال تم تجاوز مهلة الـ15 يوماً المحددة للدعوة لجلسة الإنتخاب؟ وعلى نفس القاعدة حتى لو كان رئيس السن شخصاً آخر من الفريق المعارض لبري وانتخابه؟
يقول الوزير السابق والخبير الدستوري والقانوني زياد بارود إن "الدعوة من قبل رئيس السن إلى الجلسة هي موجب دستوري والإستنساب هو خلال مهلة الـ15 يوماً، وهذا الموجب يرتبط بعمل المؤسسة الدستورية الأم التي يمكن أن تتعطل بعدم تحديد الجلسة واستكمال إدارتها عبر انتخاب الرئيس ونائب الرئيس واعضاء هيئة مكتب المجلس".
ويرى بارود في حديث خاص لـ"نداء الوطن" أن "مهلة الـ15 يوماً هي مهلة حثّ وليست مهلة إسقاط ولا ترتبط بجزاء، بمعنى أن النص يدعو إلى تحديد جلسة خلال 15 يوماً ولكن في حال إنقضاء المهلة لا يعني أنه لا يمكن الدعوة إلى جلسة لأن الهدف هو إنتخاب رئيس المجلس وليس الوقوع في فراغ يمكن أن يُعطل عمل المجلس، ومن المستحسن تحديد الجلسة خلال الـ15 يوماً لأن الهدف هو تأمين انتظام عمل مؤسسة مجلس النواب".
ويضيف بارود: "بالقياس، لقد حدد الدستور مهلة لانتخاب رئيس الجمهورية بشكل واضح خلال فترة الشهرين التي تسبق إنتهاء الولاية، كما حدد مهلة لإنعقاد المجلس النيابي لهذه الغاية حكماً قبل عشرة أيام من إنتهاء الولاية، ورغم ذلك تم تجاوز هذه المهل بالممارسة لأشهر وسنوات لأسباب سياسية استمرت سنتين وخمسة أشهر تقريباً من العام 2014 حتى 2016".
وبانتظار الإتصالات واللقاءات والإجتماعات التي ستجرى خلال الساعات والأيام المقبلة، لا بد من التذكير بأن رئيس السنّ، أي بري، سيقوم خلال الجلسة عند انعقادها، بتلاوة كتاب وزير الداخلية عن نتائج الإنتخابات ويحدد النواب الثلاثة الأُول الأكبر سناً ومن ثم النائبين الأصغر سنّاً، ليتم إختيارهما كأميني سرّ موقتين لمساعدة رئيس السن في الجلسة.
ثم تتلى المواد المتعلقة بانتخاب رئيس المجلس وأعضاء هيئة مكتب المجلس. وتوزع الأغلفة والأوراق على النواب لانتخاب رئيس المجلس عبر صندوق الإقتراع السري. وتعتبر كل ورقة لا تحمل اسم نائب في البرلمان ملغاة.
ووفق المعطيات والمعلومات، فإن الأصغر سناً في مجلس الـ2022 هما النائبان ميشال المر وأحمد رستم.
أكرم حمدان - نداء الوطن