حيث كشفت النتائج التي توصل إلى الباحثين، التي نشرت في مجلة Science Signaling العلمية، أن الأدوية التركيبية يمكن أن تنقذ نشاط خلايا الدماغ اللازمة لتكوين الذاكرة من فقدان وظيفتها لدى الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر.
وقد أوضح (البروفيسور ماوريسيو مارتينز-أوليفيرا) باحث ما بعد الدكتوراه في مركز العلوم العصبية بجامعة نيويورك، والمؤلف الرئيسي للدراسة: " هذه الدراسة هي العمل العلمي الأول الذي يظهر أن عكس تخليق البروتين في أدمغة المصابين بمرض الزهايمر من خلال نهج دوائي ليس أمرا مجديا فحسب، بل وفعال للغاية أيضاً ".
في الوقت الراهن، تركز علاجات مرض الزهايمر على الحد من الأعراض المرتبطة بالآلام، مثل حمل لوحة الأميلويد والتشابك الليفي العصبي والتهاب الأعصاب، في حين تشير هذه الدراسة إلى أن إضافة تخليق بروتين بشكل صيدلاني يمكن أن يساعد في إحياء نشاط الدماغ الطبيعي من جديد وحمايته.
وقال المؤلف المشارك (سيرجيو فيريرا) الأستاذ بمعهد الفيزياء الحيوية في الجامعة الفيدرالية البرازيلية: " إن تخليق بروتينات جديدة في الدماغ أمر ضروري لوظيفة الخلايا العصبية المناسبة، ولا سيما لتقوية الذاكرة، وقد أظهرنا نحن وآخرون سابقاً أن ضعف تخليق البروتين في الدماغ يساهم في حدوث عجز في الذاكرة لدى الفئران المخبرية المصابة بمرض الزهايمر ".
مرض الزهايمر
كما يضيف المؤلف المشارك إيريك كلان، الأستاذ في مركز العلوم العصبية بجامعة نيويورك: " نظرا للطبيعة المعقدة لمرض الزهايمر، فإن تحديد واستهداف المسارات الجزيئية غير الطبيعية التي تعمل على تحسين الإدراك بشكل فعال كان أمراً صعباً في السابق، ولكن تظهر النتائج التي توصلنا إليها أن تحفيز تخليق البروتين في الدماغ يمكن أن يعيد إحياء الوظائف المعرفية المفقودة بفعل الإصابة بمرض الزهايمر، وإننا نأمل أن تكون هذه الدراسة بمثابة خطوة إلى الأمام في علاج هذا المرض المدمر ".
تجدر الإشارة إلى أن الدراسة قد ركزت بشكل أساسي على جزيء ISRIB ، وهو جزيء اصطناعي قادر على تعزيز تخليق البروتين في الدماغ، حيث يستهدف جزيء ISRIB، الذي طوره العالم بيتر ولتر من جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، عملية بدء الترجمة للشفرات الجينية التي تحفز في نهاية المطاف تخليق البروتين الخلوي في الدماغ.
وقد سعى الباحثين في هذه الدراسة لمعرفة ما إذا كان جزيء ISRIB يستطيع أن يستعيد قدرة الدماغ على التغيير من أجل التعلم والحفاظ على الذاكرة، ففي السابق، أظهر الباحثين أن عملية بدء الترجمة الجينية تكون ضعيفة في أدمغة مرضى الزهايمر، مما دفع الفريق إلى افتراض أن جزيء ISRIB يمكن أن يعمل على إعادة تأسيس بعض تلك الوظائف المعرفية.
فبعد إثبات أن المكونات الرئيسية لآلية تخليق البروتين قد استنفدت في منطقة الحصين، وهي المنطقة الدماغية المعروفة بأنها تلعب دورا مهما في الذاكرة ، لدى مرضى الزهايمر، استنتج العلماء أن تخليق البروتين قد يكون معطلا أيضاً.
ثم اختبروا ما إذا كان جزيء ISRIB يمكنه إنقاذ ذاكرة الفئران المصابة بحالات شبيهة بمرض الزهايمر من خلال إجراء سلسلة من اختبارات الذاكرة مثل التنقل في متاهة، وقد وجدوا أن جزيء ISRIB يمكنه بالفعل استعادة وظائف الذاكرة لدى الفئران وتخليق البروتين في منطقة الحصين أيضاً.
بالإضافة إلى ذلك، قام الباحثين أيضا بفحص ما إذا كان جزيء ISRIB يمكن أن يستعيد وظائف الحصين والإدراك في الفئران المصابة بأمراض شبيهة بمرض الزهايمر والمراحل المتقدمة منه، وبالمثل أظهرت نتائجهم أن جزيء ISRIB يمكن أن يستعيد اللدونة التشابكية في الحصين، وكذلك وظائف الذاكرة.