بعد زيارته مؤخرا لمدينة خاركيف الشرقية، قام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي نادرا ما يتنقل خارج العاصمة كييف منذ بدء الهجوم الروسي، بزيارته الأولى لمدينة ميكولايف في جنوب أوكرانيا، السبت.
وأظهر مقطع فيديو نشرته الرئاسة الأوكرانية زيلينسكي، وهو يتفقد مبنى سكنيا متضررا بشدة ويعقد اجتماعات مع مسؤولين محليين في مدينة ميكولايف الساحلية والصناعية، التي لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية لكنها قريبة من خيرسون التي سيطر عليها الروس منذ منتصف شهر مارس الماضي.
ولا تزال المدينة الجنوبية تعد هدفا مهما وصيدا ثمينا لموسكو، في إطار خططها الهادفة لبسط سيطرتها على كامل شرق وجنوب أوكرانيا، كونها تقع على الطريق المؤدي إلى مدينة أوديسا وهي أكبر ميناء في أوكرانيا.
ويرى مراقبون أن زيلينسكي بمثل هذه الزيارات لمدن خط النار والمواجهة الأول، كميكولايف جنوبا وخاركيف شرقا، يريد القول إن كييف لن تتخلى عن أراضيها في حوض دونباس الشرقي وفي الشريط البحري الجنوبي، وأنها ستواصل الدفاع والصمود في وجه الهجوم الروسي في تلك المناطق.
فهو حسبهم يحاول رفع معنويات قواته المتمركزة في تلك المناطق الساخنة التي تكاد تختزل الحرب فيها، ولإيصال رسالة مفادها بأنه ليس محاصرا في كييف بل ها هو يصول ويجول في جبهات القتال الأمامية مع الروس شرقا وجنوبا.
فيما يستبعد خبراء عسكريون أن تحدث مثل هذه الزيارات فرقا في الميدان، حيث يتقدم الروس في الجبهات الشرقية والجنوبية ولا سيما في معركة الشرق في حوض دونباس.
وتعليقا على دلالات زيارة زيلينسكي لميكولايف والرد الروسي المتوقع عليها، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي مهند العزاوي، في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "يبدو واضحا أن صانع القرار العسكري الروسي يفكر بتعزيز سيطرته ونجاحاته على امتداد الشريط الساحلي وعموم المنطقة الشرقية الأوكرانية، والذهاب لأوديسا كهدف نهائي وكتتويج لهذا المسعى، والهدف الوسيط هنا نحو ذلك هو بالطبع مدينة ميكولايف التي لا بد من السيطرة عليها، للتمكن من محاصرة أوديسا ووضع اليد عليها فيما بعد، كي يتمكن الروس من إحكام قبضتهم على كامل الشريط البحري الأوكراني حتى يضيقوا الخناق على قدرة كييف في التصدير واستقبال الأسلحة والمعدات الغربية".
وأضاف: "ويتمكنوا من تأمين القطعات العسكرية البحرية الروسية بالبحر الأسود من الاستهدافات الأوكرانية، خاصة وأن ثمة منظومة صواريخ أرض - جو حديثة منشورة في ميكولايف، كما هناك قاعدة فولكين الجوية فيها والتي تستخدم أحيانا كثيرة لضرب القوات الروسية من خلال الطيران الأوكراني، إضافة للواء البحري الأوكراني 36 والذي يوظف هو كذلك في كبح التقدم الروسي انطلاقا من ميكولايف، علاوة على وجود العديد من مخازن ومستودعات الأسلحة والترسانات والذخائر فيها، ما يجعلها بالتالي هدفا ثمينا لموسكو ولضمان سلاسة ويسر عملية ضم خيرسون القريبة منها لروسيا وهي عملية قائمة على قدم وساق كما نعلم".
ويسترسل الخبير العسكري في شرح الواقع الميداني هناك: "الروس ماضون بتوازن وإصرار في تحقيق أهدافهم في شرق وجنوب أوكرانيا، ونجاحاتهم الميدانية هناك تعتبر جيدة بالنظر لحجم الدعم العسكري الغربي لكييف، وفي كل الأحوال فميكولايف القريبة من نهر دنيبرو والمطلة عليه يضفي ذلك عليها أهمية حيوية مضاعفة، حيث يعتبر ذلك النهر ممرا مائيا استراتيجيا في مسرح العمليات، علاوة على أن السيطرة الروسية على ميكولايف تفتح الطريق أمام الروس نحو العاصمة الأوكرانية كييف، في حال إذا ما عادوا واعتمدوا مجددا خيار تطويق العاصمة ومحاولة السيطرة عليها".
سكاي نيوز