المركزية- في مأزق كبير وقع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نتيجة تجريده برلمانيا من الغالبية المطلقة في المجلس النيابي. موقع لا يحسد عليه رئيس فرنسا العائد الى العرش الرئاسي للمرة الثانية، وقد عرّته انتخابات الاحد الماضي من عناصر قوته وبات رهينة قرار اليمين المتطرف واليسار اللذين حققا اختراقا كبيرا، ما قد يدفعه الى حل البرلمان خلال عام اذا ما فشل في تنفيذ برنامجه واصلاحاته. ومع ان المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية أوليفيا جريجوار، قالت "إن حل الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) ليس مطروحاً في الوقت الحالي"، يبقى الخوف من الشلل قائما، وفي الحد الادنى تعقيد قدرته على الحكم لا سيما مع سقوط عدد من وزراء حكومته في الاستحقاق البرلماني، وقد اعتبرت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن "أن نتيجة الانتخابات البرلمانية تمثل خطرا على البلاد."
النتائج التي نشرتها وزارة الداخلية بعد الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد، اظهرت نيل تحالف "معاً" بزعامة ماكرون 245 من المقاعد الـ577 في الجمعية الوطنية، مقابل 131 للائتلاف اليساري بقيادة جان لوك ميلانشون، و89 لحزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرف، فيما حصل حزب "الجمهوريين" من يمين الوسط وحلفاؤه على 61 مقعداً، علماً أن الغالبية تبلغ 289 مقعدا.
نتيجة مخيبة لماكرون ونكسة سياسية مقارنة مع النصر الساحق الذي حققه في انتخابات 2017حين فاز حزبه "الجمهورية الى الامام" مع حليفه الوسطي حزب "الحركة الديمقراطية"، بـ350 مقعداً، مقابل 17 مقعداً لحزب "فرنسا الأبيّة" بزعامة ميلانشون، و8 مقاعد لحزب "التجمّع الوطني".
بهدف مواجهة الواقع المستجد وتداعياته، باشر ماكرون صباح اليومجولة استشارات مع الكتل النيابية لجس نبض بعضها ازاء احتمال المشاركة في الحكومة لملء الفراغ الذي خلّفه سقوط عدد من الوزراء في الانتخابات وبحث إمكانية التحالف مع البعضالاخر لا سيما من المستقلين والجمهوريين، علّه يتمكن من استكمال برنامجه ومشاريعه، وسيضطر بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية" ان يفاوض كتل اليمين واليسار مرورا بمجموعة الوسط للانطلاق بمرحلة جديدة مليئة بالتحديات، قد يتغلب عليها او لا يتغلب،استنادا الى السياسات التي سيعتمدها والتي تستوجب مرونة واسعة، علما ان التحالفات التي يسعى اليها بعد الهزيمة غير مضمونة النتائج.
ولا تقتصر نتائج الهزيمة الرئاسية على الداخل الفرنسي فحسب، انما ستطال شظاياها، بحسب المصادر، الخارج، من زاوية سياسات فرنسا المعتمدة مع العرب والخليجيين والغرب، وسيضطر ماكرون حكما الى اعادة النظر ببعضها، اذا ما اراد استكمال بناء تحالفاته في الخليج والمشرق، وسيتوجب عليه حكما درس مواقفه من روسيا في ضوء الازمة مع اوكرانيا.
مسار سياسي جديد حتمّته نتائج الاحد البرلمانية على الرئيس الفرنسي سيفرض تغييرا جذريا في برنامجه السياسيواستشارات مكثفه مع الكتل النيابية، فهل ينجح في تجاوز مطباتها ام يبلغ الحائط المسدود؟
المركزية