شكّل اللقاء التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي عُقد في بيروت والزيارات التي قام بها عدد منهم والمواقف التي صدرت عنهم بارقة أمل بعودة العلاقات العربية مع لبنان الى سابق عهدها، خصوصاً علاقة لبنان بدول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن بقعة الضوء هذه لا تعني أن الموقف العربي العميق تجاه لبنان قد تغيّر، فالمطلوب لا يزال بدء لبنان بالإصلاحات الضرورية واستعادة الدولة لقرارها وسيادتها وعدم السماح بأن يبقى لبنان منطلقاً للتهجّم على الدول العربية.
مصادر سياسية أملت عبر "الأنباء" الالكترونية أن تفتح زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وعدد من وزراء الخارجية العرب الى بيروت كوة في جدار الأزمة تنهي عزلة لبنان وسلخه عن محيطه العربي، لكنها في المقابل لم تجد أن الأرضية أصبحت جاهزة لعودة هذه العلاقات الى طبيعتها لأن حزب الله الذي يأتمر بإيران غير قادر على اعطاء أية ضمانات، فهو عندما تأتيه الأوامر ما عليه الا التنفيذ.
عضو تكتل الجمهورية القوية النائب نزيه متّى وصف في حديث مع "الانباء" الالكترونية زيارة وزراء الخارجية العرب الى بيروت بالبروتوكولية، قائلا: "لو كانت الدول العربية وتحديداً الخليجية قد استعادت العلاقة مع لبنان في سابق عهدها فهناك مئة طريقة لاستعادة هذه العلاقة، ولكن طالما لبنان يتبع نفس النهج وطالما انه غير قادر على منع الاساءات بحق الدول الخليجية وبالتحديد السعودية، فهذا يعني أنه ليس هناك شيئا اسمه دولة، فلا ينتظر لبنان أية مساعدة من العرب، وقد أعلنوا مراراً وتكراراً أنهم يساعدون الشعب اللبناني فقط. وطالما انه ليس هناك مبادرة من الدولة اللبنانية باتجاه الأشقاء الخليجيين فعبثاً الحديث عن مساعدات تأتي الى لبنان من الأشقاء العرب"، معتبراً أنه حتى اجتماع وزراء الخارجية العرب "لا يدل على وجود مبادرة ولا على فتح صفحة جديدة".
وتعليقاً على الموقف العربي أيضاً، أشار الكاتب والباحث السياسي الياس الزعبي في حديث مع "الانباء" الالكترونية الى ان "حقيقة زيارة وفد وزراء الخارجية العرب الى لبنان لا تتعدى الشكل الى الجوهر، وما يعبّر عن هذا الواقع هي الزيارة التي قاموا بها الى بعبدا فهي أقرب الى البروتوكول واللياقات الدبلوماسية، بما يؤكد ان منصب الرئاسة الاولى أمسى في هزيعه الأخير ولم يعد في موقع أي قرار، لذلك فإن مؤتمر وزراء الخارجية العرب بحث في أمور تخص القمة العربية المقبلة في الجزائر في تشرين ولم ينتج عنه اي أمر عملي لمصلحة لبنان، بحيث ان المسافة العربية وخصوصا الخليجية مستمرة هي نفسها، وقد جاءت المساعدة القطرية للجيش بقيمة ٦٠ مليون دولار لتؤكد هذه المسافة، فلم تأت المساعدة القطرية لمؤسسات الدولة بل للجيش اللبناني وفي ذلك أكثر من اشارة الى المرحلة المقبلة".
وقال الزغبي: "فلنسجّل ان هناك غياباً وازناً لوزراء خارجية عرب من الدرجة الاولى، فالاجتماع تشاوري وليس رسمياً لا يصدر عنه توصيات ولا مقررات بالنسبة للبنان، وبالتالي لم تكن سوى محطة برتوكولية طالما ان لبنان يرأس مؤتمر وزراء الخارجية العرب، واذا كان هناك من اشعاع صغير لإعادة العلاقات العربية اللبنانية الى سويتها فإن ذلك لن يكون خلال هذه المرحلة الانتقالية التي تسبق الانتخابات الرئاسية".
جريدة الأنباء الالكترونية