يعيش اللبناني على مواقع التواصل الاجتماعي حالة الانفصال الكلّي عن الواقع، وكأن لا أزمات. يُصدم بما يحصل وبالقرارات التي يتخذها المسؤولون، يتململ، ويُعبّر عن استيائه بنكتة يُشاركها مع متابعيه وعلى مجموعات الواتساب. وحتّى حالة الانفصال هذه صادرتها الحكومة بموافقتها على رفع وزارة الاتصالات للتعرفة والتي دخلت حيّز التنفيذ بداية هذا الشهر.
أُجبر القسم الأكبر من اللبنانيين على تغيير بعض عاداتهم وخياراتهم في التواصل خوفاً من التكلفة العالية التي سيضطّرون إلى دفعها مقابل بطاقات تشريج الهواتف والانترنت والـ"وايفاي".
فقد غيّروا إعدادات الهاتف وخفّضوا قيمة الاشتراك بباقات الانترنت، كما سارع بعضهم إلى اتخاذ تدابير تُخفّف من صرف الميغابايت كإقفال خانة التنزيل الفوري وحصر تصفّح صفحات مواقع التواصل بمدّة زمنية قصيرة، والإعتماد على الـ"وايفاي" في أماكن العمل حتى لو كان بطيئاً، وفق المستشار في الإعلام الرقمي والتواصل الاجتماعي بشير تغريني.
وإلى هذه الفئة من اللبنانيين، تحدّث تغريني لموقع mtv، عن فئة المدمنين على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال: "هؤلاء وفي ظلّ حال الـ"fomo" أي الخوف من أن يفوتهم شيء، سيدفعون سعر باقات الانترنت مهما ارتفع".
الإنسان بطبعه في عملية تواصل دائم مع محيطه وإن تعدّدت الوسائل وتطوّرت. فمن نقش الرسومات على الجدران إلى الحمام الزاجل فالمراسلات البريدية والتليغراف، شهد العالم قفزة نوعية مع استعمال الهاتف ومن ثّم الانترنت في آخر عقد من القرن العشرين ليتحوّل العالم إلى "قرية كونية" ويُخلق نظام جديد في التواصل والتعبير والتفاعل مع مواقع التواصل الاجتماعي التي استحوذت على مساحة كبيرة من حياة الأشخاص اليوميّة.
جزم تغريني أنّ عملية التواصل ستستمر، لكنّها قد تأخذ طابعاً جديداً بحيث ستقل نسبة الإتصالات والرسائل الصوتية على أن يُستعاض عنها بكتابة الرسائل.
إلّا أنّه أكّد أنّ قرار رفع تعرفة الاتصالات والانترنت أدّى إلى "قتل الترفيه لدى اللبنانيين على "انستغرام" و"تيك توك" وليس فقط التصفّح، مع بروز مشكلة تحميل الصور والفيديو".
وأضاف: "المواطن يدفع من جيبه فاتورة شيء هو في الأساس من حقه ومن يومياته نتيجة سرقات من تعاقب على وزارة الاتصالات".
وإذ اعتبر أنّ قرار وزارة الاتصالات تذاكٍ، لفت إلى أنّ الشركات التي تعمل في مجال مواقع التواصل الاجتماعي سترتفع فاتورتها وستُجبَر على تحميل الزبون فاتورة جديدة ستزيد بنسبة 25 إلى 30 في المئة، وقد تصل إلى 50 في المئة".
من "التقنين" في الزيارات والجمعات نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات، سنشهد "تقنيناً" في الاتصالات والتواصل، ولن يكون غريباً على اللبناني الذي يتأقلم دائماً مع المتغيّرات أن يبتكر، ربّما، طريقة جديدة ليتواصل مع محيطه. فالحاجة أمّ الاختراع، ولائحة حاجات اللبنانيين تطول.
مريم حرب - موقع mtv