مقالات

قنابل موقوتة على الطرقات.. "اليازا" تكشف لـ"وردنا" الخطر الذي يهدد اللبنانيين

قنابل موقوتة على الطرقات..

تمثل الإطارات نقطة الاتصال الوحيدة بين المركبة والطريق، مما يجعل جودتها عنصراً حاسماً في سلامة الركاب. مؤخراً، أطلقت جمعية "اليازا للسلامة المرورية" في لبنان تحذيراً عاجلاً من خطر داهم يهدد الطرقات، يكمن في انتشار إطارات مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات في الأسواق المحلية، في ظل غياب الرقابة الفعالة.

يكشف رئيس الجمعية زياد عقل لـ"وردنا" عن وجود "مئات المخالفات الموثقة، حيث يتم تسويق إطارات غير مطابقة للمواصفات أو حتى مصممة لأسواق دول أخرى على أنها جديدة وصالحة للاستخدام في لبنان".

ويوضح عقل، أن المشكلة متعددة الأوجه، حيث يتم استيراد وتسويق إطارات أصلية، لكنها مصممة لطرق وظروف مناخية لدول أخرى مثل سلطنة عمان والإمارات أو دول أوروبية. هذه الإطارات، وإن كانت تحمل علامة تجارية مشهورة، إلا أنها غير مناسبة لطبيعة الطرقات اللبنانية، مما يعرض السائقين لخطر مباشر مثل الانفجار المفاجئ".

وحول التلاعب بتاريخ التصنيع، يقول عقل: "من أخطر الممارسات التي تم رصدها هي بيع إطارات يتراوح عمرها بين أربع وخمس سنوات على أنها جديدة. في بعض الحالات، يتم حتى مسح أو التلاعب بتاريخ الإنتاج الأصلي الموضح على الإطار، وهي جريمة غش صريحة"، وأضاف: "غالبًا ما يظن المواطن أنه يشتري منتجًا آمنًا لمجرد وجود اسم ماركة عالمية عليه، دون أن يدرك أن مواصفاته قد تكون غير ملائمة أو أنه قديم وتالٍ".

وقد حذّرت الجمعية بشكل صريح من أن "انفجار هذه الإطارات على الطرق قد يؤدي إلى حوادث مروعة وإصابات قاتلة"، ودعت وزارة الاقتصاد والجهات الرسمية إلى التحرك الفوري لوضع حد لهذه "الفوضى الخطيرة" قبل وقوع كوارث إضافية.

التمييز بين القنوات الرسمية والمنتجات المهرّبة

من داخل ورشة العمل اليومية، يقدم صاحب محل للإطارات، تصريحًا يلقي الضوء على جانب آخر من القضية، موضحًا الفارق الجوهري بين مصادر الاستيراد.

يؤكد التاجر لـ"وردنا"، أن المشكلة تكمن أساسًا في الإطارات التي تدخل السوداء عن طريق التهريب، وهي أنواع مغشوشة أو ماركات مقلدة لا تمر بأي رقابة جودة. أما الإطارات التي تستورد عبر القنوات الرسمية والشركات الأم العالمية (مثل يوكوهاما وهانكوك وبريجستون)، فإنها تخضع لمعايير تصنيع وفحص صارمة تحافظ على السمعة العالمية لهذه الماركات.

ويلفت التاجر إلى نقطة مهمة تتعلق بعمر الإطار، مشيرًا إلى أن الإطارات ذات الجودة العالية من الماركات العالمية تتحمل التخزين الجيد لمدة تصل إلى خمس سنوات من تاريخ التصنيع دون أن تفقد خصائصها الأمنية الأساسية، شريطة تخزينها بعيدًا عن الرطوبة والعوامل المؤذية. لكنه يميز بين ذلك وبين بيع إطارات قديمة متلفة على أنها جديدة، وهي الممارسة التي يحذر منها.

كجزء من مسؤوليته، يشرح التاجر أن دوره لا يقتصر على البيع، بل يشمل توعية الزبون ومساعدته في اختيار الإطار المناسب لظروف قيادته. فهو يسأل عن مناطق السفر المعتادة (مثل طرق الجنوب السريعة أو مناطق البقاع ذات الثلوج) لينصح بنوعية محددة، كالإطارات "أول سيزن" (All Season) للمناطق ذات الفصول المتبدلة.

وعي المستهلك أولًا وتحريك الرقابة أخيرًا

توضح هذه الصورة أن حل أزمة الإطارات المغشوشة في لبنان هو مسؤولية مشتركة، لكنها تبدأ بخطوات عملية يمكن للمواطن نفسه تطبيقها لحماية نفسه وأسرته:

-تفادي شراء الإطارات من محلات مجهولة أو عبر عروض "مغرية" بشكل مريب على وسائل التواصل الاجتماعي. التعامل مع وكلاء معتمدين أو محلات ذات سمعة طيبة هو خط الدفاع الأول.

-يجب على المستهلك أن يتعلم كيفية قراءة تاريخ التصنيع المدون على جدار الإطار (غالبًا على شكل أربعة أرقام تشير للأسبوع والسنة). رفض أي إطار يبدو عليه تلف أو يكون تاريخه قديمًا (يفضل ألا يتجاوز عمره 3 سنوات من تاريخ التصنيع).

-إذا كان سعر الإطار أقل بكثير من سعره المعروف في السوق، فعادة ما يكون هناك سبب مريب وراء ذلك.

في النهاية، بينما يتحمل التاجر النزيه جزءًا من مسؤولية التوعية، ويحذر الناشطون في المجتمع المدني من المخاطر، يبقى الخطر قائمًا ما دامت الرقابة غائبة. فالمواطن اللبناني مطالب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بأن يكون يقظًا وحكيمًا في اختيار ما يحمله سيارته، لأن الثمن هذه المرة قد يكون حياته نفسها.

يقرأون الآن