لبنان

تناغم أميركي - فرنسي لمعالجة الأزمة اللبنانية

تناغم أميركي - فرنسي لمعالجة الأزمة اللبنانية

في كل مرة تظن الطبقة السياسية في لبنان أنّ أمراً ما يتحرك سيشكل لها طوق نجاة، ولو مرحلي، تكتشف أنّ كل ما يرتبط بالواقع اللبناني على المستوى الخارجي مترابط لجهة الموقف حيث لا انفكاك او تحلل في اي توجه لاي دولة لسلوك طريق مغاير لما هو قائم حاليا في قضية مقاربة الازمة اللبنانية الاكثر خطورة منذ قيام لبنان الكبير.

دائما يراهن لبنان الرسمي والشعبي على الدور الفرنسي، وهم يفضلون أن تكون فرنسا هي الوكيل الدولي في معالجة الازمة اللبنانية، لما يربط لبنان وفرنسا من علاقات عميقة لها بعد ثقافي، وكون القيادات الفرنسية لا تستخدم في معالجتها لاي قضية تخص لبنان "العصا الغليظة" انما تتعامل مع قيادته بـ"التي هي احسن" وتحاول دائما ان "تأخذ كل مسؤول على قدر استيعابه وفهمه وطموحاته اي على قدر عقله وتفكيره"، لذلك استطاعت بناء علاقات جيدة مع كل الوان الطيف اللبناني من اقصى اليمين الى اقصى اليسار وصولا الى القوى الراديكالية وفق المفهوم الغربي.

ليست المرة الأولى التي يمضي فيها منسق المساعدات الدولية للبنان السفير الفرنسي بيار دوكان ايام طويلة في الربوع اللبنانية، ويهدر ساعات طوال مستمعا وشارحا بالتفصيل اصل الازمة وسبل المعالجة، وليست المرة الاولى التي يصطدم فيها دوكان "بعسر فهم" القيادات اللبنانية المصطنع منه او الحقيقي، فقد ردد الدرس واعاد الشرح المطول واجاب على كل الاستفسارات انما "دق المي بيبقى مي"، ربما وصل دوكان الى قناعة ان هذا الصنف الغريب والعجيب من القيادات اللبنانية لا تنفع معه الا العصا الغليظة كتلك التي تستخدمها الولايات المتحدة الاميركية، انما يبقى القلب الفرنسي على الشعب اللبناني الذي أثبت بالتجربة انه "شعب جبار" وشاباته وشبابه في الجامعات الفرنسية وسوق العمل الفرنسي وحتى في الدور السياسي متفوقون وبارعون ومجلون، وهذا الذي لا زال يشفع للبنان بعدم التحول في السلوك الفرنسي تجاهه.

التحرك الفرنسي، كما تقاطعت المعلومات مع اكثر من مصدر دبلوماسي وسياسي، "يواكب التحرك الاميركي في المنطقة، ومن الواضح ان الفرنسيين لن يتخلوا عن لبنان، وهناك رغبة قوية بالمساعدة، إلّا أنّ الجانب اللبناني لا يفتح هذا الباب من خلال مساعدة نفسه اولا عبر قرارات واجراءات وقوانين صار تأخيرها انتحاراً ذاتياً".

وتقول المصادر ان هناك "تكاملاً فرنسيًّا أميركيًّا في الشروط الواجبة لبدء عملية الانقاذ في لبنان، والرسالة التي ابلغها الجانب الاميركي كما الجانب الفرنسي الى القيادات اللبنانية بالنسبة الى الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي الذي هو بوابة الولوج الى الحل، واضحة وهي ان لا تسهيل من دون اقرار القوانين الاصلاحية (الكابيتال كونترول، السرية المصرفية، اعادة هيكلة المصارف، الموازنة..) ووقف النزف الخطير في قطاع الكهرباء الذي هو السبب المركزي في الانهيار المالي والاقتصادي وارتفاع نسبة المديونية، كما هناك تكاملا فرنسيا اميركيا في ربط استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي باقرار وتنفيذ القوانين والاصلاحات، من هنا حثَّ لبنان على الاستعجال في اقرارها وان المهلة ضيقة وغير مفتوحة ولا تتجاوز الاسابيع".

تستغرب المصادر "ما يقوله البعض من ان هناك قرارا ضمنيا في الغرف السوداء بأن لا يُنجز شيء قبل نهاية عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بينما الجواب الذي يسمعه الموفدون من عون نفسه انه لن يتراجع حتى آخر دقيقة من عهد، وان كل ما يحكى عن أنّ عون باق ويُعمل على صيغ وتُبحث السبل الدستورية لبقائه بعد انتهاء الولاية كله كلام هراء، وهو صارح كل من سأله عن الامر لا سيما الدبلوماسيين والموفدين الدوليين انه في 31 تشرين الأوّل سيغادر قصر بعبدا، ويأمل ان يكون قد انتخب رئيس لكي يسلمه مقاليد الرئاسة، ولكن هذا الامر ليس عند الرئيس عون انما عند مجلس النواب والقوى السياسية والكتل النيابية الكبيرة".

لذلك؛ تدعو المصادر إلى "ابعاد ملف القوانين الإصلاحية عن النكد السياسي الداخلي، وعدم ربطها بنهاية عهد رئيس الجمهورية، لأنّ عامل الوقت قاتل للبنان، وإذا استمرت المماطلة فان كل الابواب ستقفل بوجهه". 

داود رمّال - أخبار اليوم

يقرأون الآن