إشارات متعدّدة، تدلّ على أن لبنان، ورغم ما يحتويه من "خشبيات"، إلا أنه بلد "صديق" لمنظومة بلدان "العالم الحرّ"، ومهما سعى البعض الى خلاف ذلك.
"خسارة"
فبمعزل عن وصول سفينة الحبوب الأوكرانيّة الى مرفأ طرابلس، أو تأخُّرها، أو تغيير وجهتها ربما. وعلى هوامش الأبعاد التقنية، وضرورات الأمن الغذائي العالمي، وبعض الحاجات، والطلبات، والتمنيات، والضرورات، أو الاتّفاقيات... إلا أن مجرّد الإعلان سابقاً عن أن لبنان سيشكّل وُجهة لأول سفينة محمّلة بالحبوب، تخرج من ميناء أوديسا الأوكراني، لأول مرّة منذ ٢٤ شباط الفائت، أي بعد خمسة أشهر من بَدْء الحرب الروسية على أوكرانيا، هو حدث بحدّ ذاته.
ولكن هذا الإعلان نفسه (وبغضّ النّظر عمّا إذا كانت ستدخل عليه تعديلات، أو تغيير وُجهة في وقت لاحق، أو لا)، إلا أنه "خسارة" للبنان اليوم، نظراً لغياب السلطة اللبنانية القادرة على الاستثمار فيه، عبر الاتّجاه نحو "العالم الحرّ" أكثر، وبما يفكّ الحصار عن البلد، وذلك لصالح سلطة لبنانية "خشبية"، على المستويات كافة.
٢٠٢٠
وما أكثر "خشبيّة" من السلطة اللبنانية تلك، سوى بعض مكوّنات شعبها، الذين يصدّقون أن "معادلة المسيّرات"، هي التي ترسم مستقبل البلد، رغم أن أركان السلطة يمارسون "بطولاتهم الترسيمية"، و"ينتصرون" الآن، بما أعلنوا هم أنفسهم عن موافقتهم عليه، أو على معظمه، في "اتّفاق الإطار"، أي منذ عام ٢٠٢٠، ومن دون الرّغبة بأي تدقيق بالمزيد.
مصلحة
في أي حال، ورغم التقلّبات الإقليمية والدولية التي أحاطت وتحيط بملف الترسيم البحري جنوباً، وبالمفاوضات غير المباشرة المرتبطة به، فإن ما يرشح من إيجابيات أو سلبيات في هذا الشأن، لا تخرج عن المشهد الخارجي العام.
فالعقوبات الأميركية على النفط الإيراني، هي سياسية أكثر من أن تكون "تنفيذية"، بحسب أكثر من مُراقِب، وهي للضغط على طهران بهدف دفعها للعودة الى طاولة المفاوضات، لا أكثر، وذلك انطلاقاً من تلاقي المصالح الأميركية - الأوروبية - الإيرانية، على غضّ النظر عن شحنات النفط الإيرانية "الخارِقَة" للعقوبات.
النفط الإيراني
فالغرب بحاجة لكميات إضافية من النفط في الأسواق، بما يريح الاقتصاد العالمي. فيما تحتاج إيران الى بيع نفطها "التفافياً" بأسعار مناسبة لها، ما عادت متاحة لطهران في السوق الصينية، حيث باتت مضطّرة (إيران وفنزويلا أيضاً)، لأكبر عمليات "كَسْر أسعار" إضافية، لمنافسة مصادر الطاقة الروسية التي تغزو السوق في كلّ من الصين والهند، بأسعار مُخفّضَة، وبما يصعّب الكثير على غير الروس، في بكين ونيودلهي.
وهذا ما يفسّر خلفيات بعض "العمليات النفطية"، التي تحصل في المياه الواقعة بين العراق وإيران، وتزوير الوثائق بتورُّط من جانب بعض الجهات الخليجية أيضاً، لإخفاء أصل شحنات النفط الإيرانية، بهدف بيعها على أساس أنها عراقية، لتجنُّب العقوبات الأميركية.
موارد
فمن يضحك على من، في لبنان؟ وهل ان المفاوضات "الترسيمية" جنوباً، مرهونة بضغط المسيّرات فعلاً؟ وماذا عن تأثيرات عمليات "البيع والشراء" الأميركية والأوروبية، في مجال العقوبات الأميركية على النفط الإيراني، وبمساعدة من بعض الجهات الخليجية، التي تعمل على تأمين موارد إضافية للنظام الإيراني، ولو بطُرُق "التفافية"؟
"براغماتي"
أشار مصدر مُطّلع الى أن "الجانب اللبناني "براغماتي" جداً، في ملف الترسيم البحري".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "الاتفاق يقترب من خواتيمه، بحسب آخر المعطيات، وبنسبة تتراوح ما بين ٦٠ الى ٧٠ في المئة. أما الحديث عن المسيّرات، والتلويح بحرب، فلا قيمة له".
الغاز الى أوروبا
وشدّد المصدر على أن "الاتفاق مع لبنان، يتعلّق بالصراع على الغاز تحديداً. فإسرائيل تعمل على تصدير الغاز الى أوروبا، قبل حلول موسم البرد هناك. الأسعار مُربِحَة جداً في هذا الإطار حالياً، وهو ما يسمح لأي جهة مُصدِّرَة بجني الكثير من المال".
وختم:"هذا ما جعل إسرائيل جاهزة للتفاوض مجدداً، ولتقديم تنازلات. فالتنازل عن مناطق بحرية، ليس معروفاً تماماً إذا ما كانت تحتوي على مخزونات من الغاز أو لا، وبأي كمية، لن يكون مشكلة مقابل الأهمّ، وهو البَدْء بتصدير الغاز الى أوروبا، في وقت قريب".
أنطوان الفتى - أخبار اليوم