يلاحق هاجس بدء العام الدراسي وما يحمله من عبء الأقساط المدرسية المدولرة وشراء الكتب المدرسية، أهالي تلامذة المدارس الخاصة، إذ يحبسون أنفاسهم لما سيؤول اليه دولار الكتاب المدرسي للسنة الدراسية 2022-2023 مع دخولنا في شهر آب واقتراب بدء العام الدراسي الجديد في ايلول.
يسعى بعض الأهالي جاهداً لتبديل كتب ابنائهم المستعملة مع زملائهم في المدرسة الواحدة، ومن لم يحالفه الحظّ يحاول أن يشتري الكتب وفق سعر صرف للدولار الواحد بقيمة 4000 ليرة لبنانية للمستعملة منها أو 8000 ليرة، فيما الصفوف العالية وفق تسعيرة 16 ألف ليرة درءاً لدولرة الكتاب وفق سعر السوق السوداء خصوصاً لصفوف السنوات الدراسية الأربع الأخيرة.
أما المكتبات فلم تبدأ بعد ببيع الكتب المستعملة والسبب انتظار تسعيرة وزارتي التربية والإقتصاد لشراء الكتب على أساسها، وعند الإتصال بها تجيب: «لم نبدأ بعد ببيع الكتب المدرسية المستعملة وننتظر التسعيرة الرسمية لكيفية احتساب الدولار». فإذا كان معدّل سعر الكتاب المستورد على سبيل المثال 30 دولاراً يكون السعر وفق السوق السوداء (31500 ليرة للدولار) بقيمة 915 ألف ليرة لبنانية للكتاب الواحد علماً أن بعض الكتب يصل الى 60 دولاراً أما الكتب الوطنية فيصل سعرها الى 10 و 15 دولاراً للكتاب. ما يطرح تساؤلات حول فاتورة الكتب المدرسية والقرطاسية التي سيتكبّدها الأهالي؟ ليضاف اليها عبء القسط السنوي بالدولار النقدي الذي يتراوح بين 400 وألف دولار.
في هذا السياق، بدأت وزارتا الإقتصاد والتربية بعقد اجتماعاتهما كما علمت «نداء الوطن» مع دور النشر، وفي الإجتماع الأول الذي جرى منذ يومين دار خلاف مع دور النشر التي تريد دولرة الكتاب وفق سعر السوق السوداء، خصوصاً وأن عملية دعم الكتب المستوردة من قبل مصرف لبنان ولّت مع وصول إحتياطي «المركزي» بالعملات الأجنبية الى الخط الأحمر.
وأوضح مدير عام وزارة الإقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر لـ»نداء الوطن» أن وزارتي التربية والإقتصاد تضغطان على دور النشر لخفض سعر الكتاب المدرسي المحلّي حصراً والمسعّر بالدولار بنسبة 25% من سعره الأساسي. ولكن أصحاب «الدور» ترفض هذا الأمر». واستندت الوزارتان في ذلك المطلب على الإعتبارات التالية:
إن جزءاً من الكتاب غير مدولر لا سيما إيجارات دور النشر والضرائب وبعض الرواتب، من هنا يمكن خفض سعر دولار الكتاب المحلي. علماً أن صناعة الكتاب الوطني تستلزم تسديد سعر استيراد الورق والمحابر والسيلوفان وبلاك المطبعة بالدولار الأميركي. فهل سيلقى هذا الطرح رضا أصحاب دور النشر؟
في هذا الإطار، أكّد أمين سرّ نقابة الناشرين المدرسيين وصاحب دار الفكر اللبناني جاد عاصي لـ»نداء الوطن»، «أن النقابة مصرة على دولرة الكتاب المدرسي وفق سعر صرف السوق السوداء لأن الكلفة مرتفعة عليهم وسعر الكتاب مسعّر أصلاً ومنذ زمن بالدولار الأميركي». ولفت الى أن «ناشري الكتب قدّموا خلال العامين الماضيين نسبة 55% من سعر الكتاب للتلميذ، على سبيل المثال، اذا كان سعر الكتاب 10 دولارات كنا نبيعه بـ4.5 دولارات، باعتبار ان أصحاب دور النشر كانوا يسدّدون الرواتب للموظفين بالشيكّات وعلى أساس 8000 ليرة لبنانية للدولار. أما اليوم ومع تسديد نصف الراتب بالدولار النقدي والنصف الباقي شيكاً تغيرت المعادلة».
أما بالنسبة الى المواد المكوّنة للكتاب وتحديداً المستوردة منها قال عاصي: «الورق على سبيل المثال ارتفع سعره عالمياً بنسبة 300 في المئة وكذلك قيمة الشحن ارتفعت وأسعار وبدل النقل جراء زيادة أسعار البنزين والمازوت. واستناداً الى تلك المعطيات لا يمكننا الإستمرار وتحمّل كل التكاليف، رغم أن كلفة الضرائب نسددها بالليرة اللبنانية وباتت اليوم وفق سعر منصّة «صيرفة» التي يبلغ سعرها 25700 ليرة لبنانية.
ومروراً على تطوّر مبيعات الكتب لدى دور النشر، قال إنها «تراجعت بنسبة 94% بسبب اعتماد سياسة تبادل الكتب المستعملة بين الأهالي في المدارس الخاصة، وبذلك فإن كلفة طباعة 30 ألف كتاب تختلف عن طباعة 300 ألف كتاب كما كان الوضع عليه في السابق». لافتاً الى السياسات الخاطئة التي اعتمدت سابقاً بدعم مصرف لبنان الكتاب المستورد بدل دعم الكتاب اللبناني. من هنا شدّد عاصي على أن «دور النشر لا تستطيع أن تبقى كبش محرقة».
وعن مسألة شراء المستلزمات المستوردة لصناعة الكتاب وفق سعر «صيرفة» على غرار سائر التجّار، أكّد عاصي أنه «من غير السهل الإستيراد وفق سعر «صيرفة» وتلك المسألة لا تنطبق عليهم».
كان ذلك بالنسبة الى المدارس الخاصة، أما في ما يتعلق بالمدارس الرسمية، يتمّ توفير الكتب للتلاميذ مجاناً من قبل منظمة اليونيسيف والمركز التربوي ومعهد البحوث وبالتالي لا يواجهون عبء شراء الكتب المدرسية.
وبانتظار نتيجة الإجتماعات اللاحقة التي ستتابع بين وزارتي التربية والإقتصاد ودور النشر، من المتوقّع أن تحسم مسألة تسعيرة «دولار الكتاب المحلّي» قبل منتصف الشهر.
باتريسيا جلّاد - نداء الوطن