لم تعد معادلة الكلام من فضّة والسكوت من ذهب مرغوبٌ بها، بل أصبح من الواجب الوطني وضع النقاط على الحروف، ووضع الجميع عند حدّه، انطلاقاً من مبدأ رفض تبنّي بعض القوى السياسية ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، على قاعدة عدم الاستمرار في هذه "الخصلة" التي تسهّل وصول العسكر إلى رئاسة الجمهورية.
صحيح أنّ رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع ربط انفتاحه على قائد الجيش بمدى الحظوظ التي يمتلكها الأخير، والتي تمنى أنّ تكون جيّدة، إلا أنّ حديثه هذا أثار استغراب الكثيرين، لا سيما من المحسوبين عليه والمقربين منهُ الذين يصنفون قائد القوّات على أنّهُ مرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية.
إلا إذا كانت الغاية المنشودة من طرح جعجع، مجرد "زكزكة" كما يقول البعض، عبر توجيه الرسائل، التي قد يكون رئيس التيّار الوطني الحر جبران باسيل معنياً بها قبل غيره، وهنا بيت القصيد بسبب الخلاف المستحكم بين جوزاف عون والاخير.
وعلى رغم تقدير كل القوى السياسية لقائد الجيش، لكنّ في الموقع الذي يلعبه، وليس خارجه. فقد أثبتت التجارب - أنّ ساعة الحقيقة الرئاسية لا تحلّ إلا في ربع الساعة الأخير من المهل، وإنّ قائد الجيش لا يمكن أن يأتي رئيساً للجمهورية عملياً، إلا بموجب تسوية سياسية تؤدي الى تعديل دستوري يسمح بانتخاب موظفي الفئة الاولى الى السدة الرئاسية.
علماً أنّ ما يُحكى عن فيتو يفرضه حزب الله عليه، بسبب علاقاته مع الولايات المتحدة أو غيرها، ليس دقيقاً، وإن كانت الحسابات كثيرة في هذا الإطار. أولها الإرباك الحاصل في الاختيار بين حليفَيه رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية وجبران باسيل.
وبمعنى اوضح أنّ انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية يشكّل خطوة مضمونة باتجاه الخروج من الأزمة، لا سيّما أنّ انتخابه يُخرج البلد من صراع المحاور أو يفرض هدنة موقّتة بينها.
الّا انّ المفارقة، وفق همس بعض الدبلوماسيين، انّ فرنسا والفاتيكان، لا يمانعان ايصال عون الى الرئاسة، وثمة توافق اقليمي-دولي -عربي على قائد الجيش كرئيس للجمهورية الثالثة في لبنان، وانّ التسوية آتيّة لا محالة عاجلاً ام آجلاً، وما زال هناك وقت قبل حسم هذا الملف.
ولعل الثابت الوحيد في كل هذه المعمعة، انّ قائد الجيش يُصرّ على نفي "هذا الطموح"، موحياً بأنّ أغلبها يصلح انّ يكون مادة لأفلام سينمائية، ولكنه لا يعكس بالتأكيد الحقيقة.
ووفق ما يُنقل عنهُ، انّ همّهُ الوحيد محصورٌ في حماية الأمن والاستقرار وتحصين المؤسسة العسكرية وتأمين متطلباتها، خصوصاً وسط هذه الظروف الصعبة. وان ليس لديه لا الوقت ولا الحماسة من أجل التخطيط للوصول إلى الرئاسة.
شادي هيلانة - أخبار اليوم