كشفت مراجع ديبلوماسية وسياسية ان من الخطأ الأخذ بمجموعة السيناريوهات المتداولة بشأن مصير المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل حتى اليوم. وانه من الافضل انتظار عودة الموفد الاميركي اموس هوكستين الى بيروت للتثبت من مسلسل التسريبات التي لا تحمل بصمات رسمية اسرائيلية او اميركية قبل الحكم على مستقبل المهمة التي يقوم بها.
وتعترف هذه المراجع عبر "المركزية" بان التجارب السابقة علمتنا الكثير مما يجب الأخذ به، فالمواقف والتسريبات التي سبقت زيارة هوكستين الاخيرة اثبتت ان الموفد الاميركي في واد ومجموعة الروايات في أخر. وأن البحث عن خلفيات ما يجري في اسرائيل له طعم جديد بفعل التطورات الداخلية التي تحتم على الحكومة اعتماد استراتيجية جديدة مغايرة للخيارات السابقة. فهي تستعد بكامل قواها لاجراء الانتخابات النيابية في الخريف المقبل بوجهات نظر مغايرة لتلك التي كان الرئيس السابق للحكومة بنيامين نتانياهو قرر اللجوء إليها.
وقالت المراجع مخطىء من يعتقد ان في اسرائيل اليوم حكومة تصريف اعمال، فالحكومة التي يتزعمها يائير لابيد كاملة المواصفات الدستورية بعد تسلمه السلطة بموجب اتفاق تقاسم الولاية مع نفتالي بينيت في مرحلة تزامنت وحل الكنيست الاسرائيلي والدعوة الى الانتخابات المبكرة.
على هذه الخلفيات، تصر المراجع الديبلوماسية على التروي في الحديث عن انهيار دراماتيكي لمهمة هوكشتاين وفضلت الاحتفاظ بنسبة عالية من التفاؤل بإمكان تنفيذ خريطة الطريق التي رسمها فور عودته الى مسرح المفاوضات بعد دخول سفينة الإنتاج "اينيرجين باور" الى حقل كاريش" وهي ان طبقت تتجاوز الترددات التي تركتها مسيرات حزب الله والاحداثيات البحرية التي تهدد منصة كاريش. فالعروض اللبنانية الأخيرة قابلة للبحث بعدما تناغمت وطروحات "الوسيط المسهل" التي لا يمكن لإسرائيل رفضها في الوقت الراهن أيا كانت الظروف الداخلية التي تتحكم بتوجهات الحكومة الحالية.
وتعترف هذه المراجع ان الحكومة الحالية في اسرائيل نجحت في الحفاظ على وحدتها و اتمام الانتقال الدستوري بين لابيد وبينيت بتناغم واضح في مواجهة محاولات نتنياهو للعودة الى مسرح الحياة السياسية في اسرائيل وان مجموعة مكوناتها المتعددة نجحت في اكثر من امتحان لاستكمال ما بدأت العمل به وفق التحالف القائم على حدود الاكثرية المطلوبة في الكنيست بعد سقوط مشاريع الاستقالات التي هدفت الى تطيير هذه الحكومة التي سبقتهم الى الانتخابات المبكرة ونجت بوحدتها.
وعليه، قالت التقارير الديبلوماسية التي وصلت الى بيروت في الساعات القليلة الماضية، ان ما جرى في غزة خلال الساعات الماضية لم يكن حدثا عابرا فكل التقارير التي تنبأت بالعمليات العسكرية وضعت قبل ساعات قليلة من بدئها، إثر فشل المفاوضات في ترتيب تبادل للاسرى بين الفصائل الفلسطينية في غزة واسرائيل وان اي مشروع للربط بينها واحتمال تفجير الوضع على الحدود الشمالية لاسرائيل مع لبنان ما زال مستبعدا والحديث الذي تسرب من الأوساط المصرية في الساعات الماضية عن احتمال مشاركة حزب الله في العمليات العسكرية لملاقاة ما يجري في غزة اقتراح مفقود حتى الساعة وهناك موانع عدة تمنع توريط لبنان في هذه العملية التي اعتبرت محدودة في توقيتها وشكلها ومضمونها.
وقالت احدى البرقيات العاجلة التي اطلعت عليها "المركزية" ان الروايات المصرية عن احتمال مشاركة الجبهة الشمالية مع ما يجري في "غلاف غزة" وتورط حزب الله في الحرب ليست سوى سيناريوهات اعلامية رافقت الوساطة المصرية لوقف ما يجري في غزة وتزامنت مع وصول وفود عالية المستوى الى غزة واسرائيل لترتيب وقف للنار بمعزل عما يجري في الجزء الشمالي من المياه الاقليمية لفلسطين المحتلة وما يرافق مشروع استخراج النفط من حقل كاريش وتسويقه مطلع الخريف المقبل.
وفي ضوء هذه المؤشرات المتعددة تجمع المراجع المعنية على ضرورة إعطاء الوقت الكافي ليصوغ هوكشتاين مقترحاته الجديدة. فالدوافع الاميركية للاسراع بانهاء اتفاق الترسيم ليست مجرد قرار تكتيكي فهو في صلب الاستراتيجية الاميركية للمنطقة والتهدئة هي المطلوبة في المرحلة الراهنة وان النظر الى إمكان التدخل الايراني في مفاوضات الترسيم تراجعت من خلال الموقف اللبناني الموحد قبل الحديث عن عوامل أخرى. وان تجاوبت واشنطن مع هذا الموقف فهو السبيل الوحيد للتخفيف من مخاطر ما يجري في المنطقة التي لا تحتمل اي عمل عسكري بحجم المواجهة بين حزب الله واسرائيل الذي ان حصل يمكن تأريخ انطلاقته ولا يمكن تقدير بما سيؤدي اليه في ظل التوتر الدولي فليس هناك من يعطي الحزب واسرائيل اي اشارة او ضوءا اخضر لمثل هذا الرهان حتى اليوم.
المركزية