لا يتوقف معرض الرياض الدولي للكتاب عن مطاردة القراء وملاحقتهم من خلال غابة الكتب التي توسطت جامعة الملك سعود بن عبد العزيز . عناوين تقول كلاماً واحداً " إقرأ" ، فيما تخبرك دور النشر والطباعة ان النهضة الاقتصادية والعمرانية التي تشهدها المملكة العربية السعودية تسير جنبا إلى جنب مع النهضة الثقافية والفنية ، هذه النهضة التي يقف وراءها قرار سياسي يتطلع الى المستقبل، بالاضافة الى مثقفين بارزين حملوا لواء التحديث من أمثال غازي القصيبي وتركي الحمد وعبد الله الغدامي وتوفيق السيف وابراهيم البليهي وسعد البازعي ومحمد رضا نصر الله ، واعتذر ان غابت عني بعض الاسماء ، وسيرى الزائر للرياض انه كلما زادت مداخيل الاقتصاد وحركة العمران ، زاد التخصيص المتميز لمشاريع الثقافة ، معارض للكتب ، مهرجانات عالمية للسينما ، مسابقات دولية للقراءة يحضرها هذا العام عدد من الفائزين بجائزة نوبل للاداب ، معارض تشكيلية ، متاحف تروي حكاية هذه البلاد التي قررت أن تنفض رداء الماضي وتنطلق بهدوء ودراية نحو المستقبل . وأعتقد أن السعودية تصرف على الثقافة ما يوازي مصاريف التعليم والصحة في بلاد الرافدين التي علمت البشرية الحرف ، لكن البعض ممكن يملكون سلطة القرار في العراق يريدون لبلاد الف ليلة وليلة ان تظل في قعر التاريخ.
تذهب الرياض بعيدا في مشاريعها الثقافية ، تنسج حبل للوصل بين الماضي والحاضر ، في كل يوم نقرأ ما يقدمه الصندوق الثقافي من تمويل للانشطة الثقافية والغرض واحد الاسهام في تعظيم اثر القطاع الثقافي الذي لا نعرف حجم مشاريعه ، لكننا نعرف ان الهدف هو تنمية العقول ، ليس في الثقافة فقط ، بل في كل مجالات الحياة .
تميز معرض الكتاب هذا العام بشعار جميل " الرياض تقرأ " وطغت العناوين في كل المجالات والاتجاهات ، وكنت انظر الى غابة الكلمة هذه ، وأسرح مع الرياض المدينة الجميلة التي تحولت الى ورشة عمل ، فهي لا تودع يوما واحدا من دون انجاز يؤسس لبلاد تريد ان يكون لها مقامها ودورها بين بلدان العالم المتقدم .
انظر إلى الكتب التي غصت بها اجنحة المعرض ، وأسرح مع بغداد التي ما ان يُذكر اسمها حتى تشع في العيون محبة خاصة ، في كل حديث عن الكتب ينبري مثقف سعودي ليقول ان مدينة السلام علمتنا معنى الشغف بالقراءة ، يحضر الجواهري كنجم من نجوم المعرض ، فالشباب والفتيات وكبار السن يسألون عن ديوانه وذكرياته ، فيما كتب علي الوردي وتاريخ العراق وحكايات رجالته تحتل صدارة اهتماماتهم .
الرياض تقرأ لتطوي معها المملكة ، صفحات الأمس وتفتح للغد صفحات جديدة.
المدى