دولي

الدبلوماسية الأميركية تنتظر نتائج قصف إسرائيل لحزب الله

الدبلوماسية الأميركية تنتظر نتائج قصف إسرائيل لحزب الله

هناك مواقف متناقضة لدى الأميركيين مما يحدث في لبنان، وربما يكون أهم ما يعبّر عنه المسؤولون في إدارة بايدن هو "الغضب من تصرفات الحكومة الإسرائيلية".

لا يجب النظر إلى هذا "الغضب" على أنه مسألة تمسّ جوهر ما يحدث في لبنان، بقدر ما ينمّ عن تبرّم لدى المسؤولين الأميركيين من أن الإسرائيليين تعمّدوا أولاً عدم إبلاغ إدارة بايدن أنهم سيبدأون حملة واسعة لضرب تنظيم حزب الله في لبنان.

يروي أحد المطّلعين على اتصالات وزير الدفاع الأميركي مع نظيره الإسرائيلي يوهاف غالانت، أن غالانت، وفي كل مرّة تبدأ فيها إسرائيل بعملية ما يتصل بأوستن ويقول له إانهم بالفعل بدأوا تنفيذ العملية "لكي لا تفاجأ بما نفعله" ثم ينهي المكالمة.

ويبدو أن الأمر تكرر مرات عديدة منذ بدأ الإسرائيليون تفجير الأجهزة الإلكترونية التي يحملها بعض عناصر حزب الله، فقد اتصل غالانت بأوستن عندما بدأ القصف العنيف على مقرّ لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وقال غالانت لأوستن "إن العملية تستهدف اغتيال نصرالله وهي بدأت بالفعل".

تسبب هذا الأمر بحالة من الريبة لدى الأميركيين، وشعروا أن الإسرائيليين لا يثقون بهم، أو أنهم يتسببون بردود فعل من قبل الميليشيات مثل تهديد سلامة الجنود الأميركيين المنتشرين في سوريا والعراق، فيما تهديد أمن الجنود يؤرق الرئيس الأميركي جو بايدن والقادة العسكريين، والإسرائيليون يساهمون بتعقيد الأمور على القوات الأميركية وبدون سابق إنذار.

ينكر الأميركيون أن تكون إسرائيل أبلغت الإدارة الأميركية بخططها النهائية بشأن حزب الله ولبنان، وقد تحدثت "العربية والحدث" إلى مصادر في الإدارة الأميركية ومع شخصيات تحدثت مؤخراً إلى مسؤولين في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، وهم يجمعون على أن إدارة بايدن الحالية تعرف فقط أن إسرائيل تقوم بعمليات قصف واسعة لمستودعات الذخيرة المنتشرة على الأراضي اللبنانية، كما تقوم بضرب البنى التحتية لحزب الله، مثل الأنفاق ومراكز القيادة والسيطرة، لكن إسرائيل لم تقل لبايدن ما هو "النموذج الذي تريد رؤيته في لبنان".

أحد المسؤولين الأميركيين تحدّث إلى العربية والحدث وقال إن "إحدى المشاكل الرئيسية الآن مع إسرائيل هو أنها تضع هدفاً قصير المدى وتقول إنها تريد الوصول اليه، لكنها تصل وتتابع الى ما بعده، من دون أن نفهم الى أين تريد الوصول".

وأشار بشيء من التبرّم الى ان إسرائيل تفعل هذا في لبنان وكانت اعتمدت الأسلوب ذاته خلال الحرب في غزة، وان الامر تسبب بكثير من الحرج لدى الاميركيين.

أكبر الإحراجات يكمن في أن الولايات المتحدة عملت بكثير من الجدّ للتوصل إلى نداء عاجل يطلقه الرئيس الأميركي جوزيف بايدن خلال انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ويضع خطة تقوم على وقف لإطلاق النار لواحد وعشرين يوماً، ويصير العمل خلالها إلى التفاوض للوصول إلى حلّ، لكن نتنياهو أعطى الأوامر باغتيال نصرالله ودمّر أياماً من الاتصالات الأميركية والفرنسية والأوروبية والعربية.

أما الآن، فلا تتحدّث الولايات المتحدة عن وقف لإطلاق النار، وقد أكتفى بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية بعد اتصالات وزير الخارجية انتوني بلينكن بكل من رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه برّي بالإشارة الى "حلّ دبلوماسي".

ليست صدفة ايضاً ان بيان الخارجية عن اتصال بلينكن بميقاتي أشار الى ان "الوزير شدّد على ان لبنان لا يستطيع ان يسمح لإيران او حزب الله بعرقلة أمن واستقرار لبنان" لكن بيان الخارجية لم يشر الى هذه الفقرة في اتصال بلينكن مع برّي.

يروي بعض الناشطين الاميركيين اللبنانيين ان الوزير بلينكن أجرى جولة من المشاورات مع شخصيات أميركية مهتمة بالشأن اللبناني، وأنه صرف وقتاً طويلاً مع فريق عمله في محاولة لفهم ما يجري، وان احد الاجتماعات مع ناشطين اميركيين لبنانيين استمر أكثر من ساعة من الوقت، وكان يحاول فهم ما يجب ان تفعله الولايات المتحدة بشأن لبنان.

لكن الإدارة لم تتمكّن حتى الآن من وضع خطة واضحة تستطيع ان تنفّذها، بل انها تنتظر نتيجة الحملة العسكرية الإسرائيلية.

أجمعت مصادر العربية والحدث في العاصمة الأميركية، بما في ذلك في الإدارة الأميركية، ان القصف الإسرائيلي لن يتوقّف قبل أسابيع على مقرّات حزب الله ومراكز القيادة السيطرة التابعة له.

لا يملك الأميركيون تقييماً واضحاً لقدرات حزب الله التي تمّ تدميرها حتى الآن، لكنهم ينظرون باهتمام إلى بعض الإمكانيات الصاروخية التي يعرفون أن حزب الله يملكها مثل بعض الصواريخ الدقيقة، ويراقبون إن كان سيستعملها أم أن إسرائيل ستتمكن من تدميرها.

في هذا الوقت، يتمسّك الأميركيون بمبدأ "الضغط العسكري سيوصلنا الى نتائج" لكنهم ليسوا جاهزين بعد لطرح مبادرة، او خطة تطبيقية للقرار 1701 وفرض منع تهريب السلاح الى لبنان بما يمنع تسليح حزب الله مجدداً، كما أنهم غير قادرين بعد على القول للأطراف اللبنانيين، خصوصاً نبيه برّي ان عليه ان يفتح باب مجلس النواب وافساح المجال امام انتخاب رئيس للجمهورية.

الانطباع العام الآن أن الاميركيين يرون في نهاية المطاف حلّاً واحداً ممكناً هو انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية، خصوصاً انه يملك الأمرة على الجيش وقدّم خططاً كثيرة خلال الأشهر الماضية للولايات المتحدة حول تجنيد المزيد من العناصر وتسليحهم لنشرهم في الجنوب.

يقرأون الآن