حيث يقول باحثين من جامعة سيدني بأستراليا أن هذا الاكتشاف يعتمد على بحث سابق تم إجراءه عام 2003، وجد أن الحشرات تعاني من إحساس مرتبط بالألم، وقد أوضح المؤلف المشارك للدراسة ، الدكتور جريج نيلي ، الأستاذ المشارك في جامعة سيدني : " لا يعتقد الناس أن الحشرات تشعر بأي نوع من الألم ، و لكن ثبت ذلك بالفعل في العديد من الحيوانات اللافقارية المختلفة ، حيث أنها تستطيع الشعور بالألم وتجنب المنبهات الخطيرة التي نعتبرها مؤلمة نحن البشر، ففي غير البشر ، نطلق على هذا الأمر مصطلح (الإحساس الألمي) وهو الإحساس الذي يعبر عن المنبهات الضارة المحتملة مثل الحرارة أو البرودة أو الإصابة الجسدية، لكن من أجل البساطة يمكننا الإشارة إلى ما تعانيه الحشرات على أنه (ألم) "
ويضيف: " في الحقيقة، كنا نعرف أن الحشرات تعاني من الألم، ولكن ما لم نكن نعرفه حقاً هو أن تعرضها للإصابة يمكن أن تؤدي إلى فرط الحساسية طويل الأمد للمنبهات غير المؤلمة في المعتاد بطريقة مماثلة لآلام البشر المزمنة وطويلة المدى جراء الإصابات الخطيرة ".
حساسية الحشرات
خلال الدراسة ، أتلف المؤلفون إحدى ساقي ذبابة الفاكهة ثم سمحوا لهم بالشفاء التام ، و قد وجدوا أنه حتى بعد تعافي ذبابة الفاكهة ، أصبحت ساقها غير المصابة أكثر حساسية للمؤثرات الخارجية من السابق ، و هو رد فعل يشبه الألم المزمن لدى البشر .
يقول الدكتور نيلي : " بعد تعرض الحشرات لإصابة بالغة ، تصبح شديدة الحساسية وتحاول حماية نفسها بكل الطرق الممكنة لبقية حياتها ، و هذا أمر رائع و بديهي للغاية ".
بالإضافة إلى ذلك ، نجح فريق الدكتور نيلي بتحديد كيف تواجه الحشرات مثل هذه الاستجابة بدقة كبيرة، حيث يقول الدكتور نيلي: " تتلقى الذبابة رسائل الألم من جسدها ثم تنتقل عبر الخلايا العصبية الحسية إلى الحبل العصبي البطني، وهو نسخة الحبل الشوكي في الذباب والحشرات، ففي هذا الحبل العصبي، توجد خلايا عصبية مثبطة تعمل مثل البوابة للسماح أو لمنع إدراك الألم بناء على الأمر الذي تعرضت له الحشرة، وبعد الإصابة، يقوم العصب المصاب بإلقاء كل حمولته من رسائل الألم في الحبل العصبي ويزيل كل البوابات إلى الأبد، مما يجعل الحشرة شديدة الحساسية للألم "
تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الألم المزمن الذي يعاني منه الذباب يعرف باسم ألم الاعتلال العصبي، والذي يحدث عند البشر من حالات مثل عرق النسا أو القوباء المنطقية أو العصب المقروص أو إصابات الحبل الشوكي، أو أي نوع من الأنواع الأخرى من الأضرار والإصابات التي تلحق بالجهاز العصبي، فعادة ما يبلغ المرضى الذين يعانون من آلام الأعصاب عن الشعور بآلام حادة تشبه تعرضهم لإطلاق نار أو حرقان بالغ في المنطقة المصابة.
يذكر أن مثل هذه الدراسات يمكن أن تساعد العلماء على فهم سبب الألم المزمن لدى البشر أيضاً، حيث يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى التوصل إلى العلاجات الأولى التي تركز على السبب، بدلاً من تخفيف الآلام وحسب.