بغضّ النّظر عن أن ما يجنيه القيّمون على القطاع السياحي خلال فصل الصيف، لا يدخل الى الاقتصاد اللبناني، بل الى خزائن المؤسّسات السياحية، إلا أنه لا بدّ من الاستفسار عن "الفصيلة" التي تنتمي إليها دولة، تعلن عن تجاوز عدد الوافدين إليها المليون ونصف المليون، خلال الموسم الصيفي، وعن تسجيل أرباح بنحو 4.5 مليار دولار من جراء تلك الحركة، أي خلال نحو شهرَيْن، فيما هي تصارع للحصول على 3 مليارات دولار من "صندوق النّقد الدولي"؟
برنامج
فإذا كانت إحدى الدول قادرة على جني 4.5 مليار دولار، لخارج خزينتها الرسمية، من خلال الوافدين إليها في موسم صيفي. وإذا كان معظم هؤلاء من المغتربين اللبنانيين، نظراً الى أن "ما حدا مشردق" من السيّاح الأجانب (إلا قلّة قليلة ربما)، للاستمتاع بوقته في بلد مُحاصَر، وهو بلا كهرباء، ومياه، ودواء، واستشفاء، وسط مشاكل حياتية شبه يوميّة حول الخبز، والمحروقات... وإذا كانت تلك الدولة قادرة على وضع خطط ومشاريع في إطار السياحة الرياضية والترفيهية، لفصل الشتاء أيضاً، مع ما يتطلّبه ذلك من إنفاق كثير، (إذا كانت...) لماذا نجدها تلهث خلف اتّباع برنامج مع "صندوق النّقد الدولي"، بقيمة 3 مليارات دولار، لا أكثر، أي بنسبة أقلّ من مردود موسم سياحي واحد؟
هدر
لفت الوزير السابق فادي عبود الى أن "الإنفاق الذي يقوم به المغتربون والسيّاح في لبنان، لا يدخل الى خزينة الدولة، بل يخفّف الضغط عن الدولار. ولكن كما رأينا، لم يخفّف النّشاط السياحي خلال فصل الصيف الضّغط عن الدولار، الذي شهد ارتفاعات واضحة خلال الشهرَيْن الأخيرَيْن، في السوق السوداء".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أنه "بالنّسبة الى الهدر في البلد، الذي يُمكنه أن يؤثّر على سمعة لبنان أمام وفد "صندوق النّقد الدولي"، فإنه أمر مُزمِن. فلنأخذ مثلاً القانون الذي صدر في 12 آب الفائت، والذي يفرض على كل من قبض رسماً أو ضريبة بالدولار الأميركي، أن يسدّد المدفوعات المترتّبة عليه للدولة اللبنانية بالدولار الأميركي أيضاً، وليس بالليرة اللبنانية كما كان يحصل سابقاً، مُتجاهلاً كل مستحقّات الدولة اللبنانية في هذا الإطار، بين مرحلة بَدْء الأزمة في خريف عام 2019، و12 آب 2022".
وأضاف:"إذا احتسبنا مستحقّات الدولة اللبنانية في هذا الإطار، بين تشرين الأول 2019، وآب 2022، ورغم أن دولار السوق السوداء لم يَكُن كما هو عليه اليوم، في أول مراحل الأزمة، فإننا نصل الى مئات الملايين من الدولارات، التي ذهبت هدراً من أمام الدولة، من خلال هذا القانون. وإذا وُضِعَت تلك الأرقام أمام القيّمين على "صندوق النّقد الدولي"، فإنهم قد يطردون أي لبناني يتحدّث عن حاجة لبنان الى برنامج. وعندما تحدّثنا عن تلك النّقطة، لم نجد من يريد أن يسمع، بل من يريدون أن يلغوا أي إمكانيّة لمفعول رجعي على هذا القانون، منذ بَدْء الأزمة، ورغم أنه (المفعول الرّجعي) سيذهب لصالح خزينة الدولة".
تنافُس
وشدّد عبود على أن "الموسم السياحي يُمكنه أن يبلغ ضعف أضعاف ما تحقّق هذا العام، إذا تمّ تصحيح أسعار تذاكر السفر. فمثلاً، لمَ القبول بأن تسيّر كل شركات الطيران رحلاتها الى مدن وعواصم دول محيطة بنا، مثل القاهرة، وعمّان، واسطنبول، وغيرها... بأسعار هي أقلّ بكثير من سعر الرحلة الى بيروت؟ الأسعار التنافُسية كفيلة بتنشيط الحركة السياحية باتّجاه لبنان، أكثر".
وختم:"ندعو الى معالجة هذا الوضع، لأن التنافس يحفّز على تخفيض الأسعار، وعلى زيادة أعداد الوافدين الى لبنان، في كلّ المواسم".
أنطوان الفتى - أخبار اليوم