دولي

روسيا تلجأ لعملاقها الباليستي.. ما هو صاروخ "آر إس 26"؟

روسيا تلجأ لعملاقها الباليستي.. ما هو صاروخ

بعد حصول أوكرانيا على الموافقة الغربية لضرب الأراضي ‏الروسية بصواريخ أتاكمز الأميركية بعيدة المدى وستورم ‏شادو البريطانية، روسيا لن تقف صامتة، إلا أنها لن تجازف ‏راهناً بالرد النووي على هذا الاستهداف، لكنها ستلجأ للمرة ‏الأولى إلى الصاروخ الباليستي عابر القارات الضخم من ‏طراز "آر إس 26" (‏RS-26‎‏)، والذي قالت كييف إن موسكو ‏على ما يبدو استخدمته بالفعل.‏

ونقلت تقارير إعلامية روسية عن مصادر مطلعة قولها إن ‏الجيش الروسي سيبدأ في استخدام صواريخ آر إس-26 من ‏موقع في مدينة أستراخان على بحر قزوين، وبعد ساعات من ‏ذلك جرى تأكيد أوكراني بإطلاقه.‏

ووفق خبراء غربيين، فإن روسيا لم تستخدم صاروخ ‏RS-26‎‏ ‏في القتال من قبل، حيث تتعرض كييف بانتظام لهجمات ‏بصواريخ إسكندر الأصغر والأبطأ منذ بدء الحرب.‏

ويقال إن سرعة الصاروخ ‏RS-26‎‏ تبلغ خمسة أضعاف سرعة ‏الصوت، ما يجعل من الصعب على أنظمة صواريخ باتريوت ‏التي منحتها الولايات المتحدة لأوكرانيا أن تسقطه. ويتم ‏إطلاق صاروخ ‏RS-26‎‏ من منصة أرضية، ويقال إنه يزن 50 ‏طناً، مع رأس حربي أكبر بثلاث مرات من صاروخ إسكندر.‏

ويمكن لصواريخ "آر إس 26" التي يبلغ مداها 3600 ميل أن ‏تضرب أي مكان في أوروبا بثلاثة أضعاف حمولة قنابل ‏روسيا التقليدية.‏

وحذر الكرملين من أنه سيرد بقسوة على استخدام صواريخ ‏أتاكمز الأمريكية بعيدة المدى وستورم شادو البريطانية ‏لضرب العمق الروسي، ومن الواضح أن الخيار كان ‏صواريخ "آر إس 26".‏

وأكد ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ‏هذا التهديد المرعب، وقال عبر منشور على منصة إكس، إن ‏الكلمة تعني "الحرب العالمية الثالثة".‏

ومنذ بدء الحرب، تم إصدار حوالي 1370 إنذاراً في كييف، ‏وفقاً لمسؤولي المدينة. وقد استمرت هذه الهجمات أكثر من ‏‏1550 ساعة في المجمل، ما يعني أنه لو اختبأ السكان خلال ‏كل واحدة لكانوا قد أمضوا أكثر من شهرين في المخابئ.‏

تطورات مثيرة

جاء ذلك بعد أن أطلقت كييف ستة صواريخ من طراز أتاكمز ‏من مكان غير معلوم عبر الحدود إلى الأراضي الروسية، ‏الثلاثاء، وفي اليوم التالي تم إطلاق ما يصل إلى 12 صاروخاً ‏من طراز ستورم شادو على أهداف جنوبي روسيا، بعد ‏حصول كييف على موافقتي الحكومتين الأمريكية والبريطانية.‏

وأثارت الضربات انفجاراً نارياً في مستودع في كراتشيف، ‏على بعد حوالي 75 ميلاً من الحدود الأوكرانية.‏

وعثر مدونون عسكريون روس على شظايا صواريخ ستورم ‏شادو، الأربعاء، ونُشرت صور لم يتم التحقق منها على وسائل ‏التواصل الاجتماعي. وكان بالإمكان سماع عدة انفجارات، ‏يسبقها صفير عالي النبرة على ما يبدو من الصواريخ القادمة، ‏في مقاطع الفيديو المسجلة بالقرب من قرية مارينو. وأظهرت ‏اللقطات أيضاً دخاناً يتصاعد من المباني.‏

وأشارت تقارير غير مؤكدة إلى أن أوكرانيا استهدفت منشأة ‏تحت الأرض للقيادة والسيطرة على بعد 50 ميلاً داخل ‏روسيا. ومن المفهوم أن البيانات الملاحية والاستخبارات عبر ‏الأقمار الصناعية التي سهلت الضربات الجوية قد قدمتها ‏الولايات المتحدة، وفقاً لصحيفة ديلي ميل.‏

أول استخدام لأسلحة بريطانية

وتاريخياً، فإن المرة الأخيرة التي استخدمت فيها الأسلحة ‏البريطانية على الأراضي ذات السيادة الروسية، كانت خلال ‏الاشتباكات بين قوات الحلفاء والبلاشفة في منطقة بالقطب ‏الشمالي بين عامي 1918-1919. كما حدث ذلك من قبل ‏خلال حرب القرم في خمسينات القرن التاسع عشر.‏

وفي حديثه أمام مجلس العموم، رفض وزير الدفاع البريطاني ‏هيلي تأكيد التقارير أو الكشف عن أي تفاصيل عملية. وقال ‏للنواب: "لقد شهدنا خلال الأسابيع الأخيرة تغيراً كبيراً في ‏التحرك الروسي والخطاب بشأن أوكرانيا.. ونحن كأمة ‏وحكومة نضاعف دعمنا لأوكرانيا ونعتزم بذل المزيد من ‏الجهد".‏

أزمة الجيش البريطاني

ومع تصاعد التوترات في الحرب الروسية- الأوكرانية، فقد ‏أعلن وزير الدفاع البريطاني جون هيلي أن جيش بلاده ‏سيتضرر من تخفيضات بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني في ‏الموازنة. وقال إن حكومة حزب العمال ستلغي ستة برامج ‏رئيسية تابعة للقوات المسلحة، بما في ذلك الأسطول الرئيسي ‏للجيش من الطائرات بدون طيار وسفينتين هجوميتين ‏برمائيتين.‏

وانتقد وزير الدفاع البريطاني السابق بن والاس هذه الخطط، ‏وقال إنها سترسل رسالة ضعف إلى خصوم المملكة المتحدة. ‏وكتب في صحيفة التلغراف: "لكي يتم ردع أعدائنا، يجب أن ‏يعرفوا أننا نعتزم عدم السماح بثغرات في قدراتنا، أو على ‏الأقل سنقوم بتحديثها قريباً"، لكن "القول للعالم بأننا نقلص ‏قدراتنا في حين أن خصومنا يفعلون العكس هو حماقة ‏خالصة".‏

أما في الولايات المتحدة، فقد منحت إدارة جو بايدن المنتهية ‏ولايته الإذن لأوكرانيا باستخدام الصواريخ الأمريكية بعيدة ‏المدى لضرب الأراضي الروسية، كما تسارع بتعجيل المنح ‏العسكرية لكييف، قبل وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض، ‏حيث ينتقد الدعم العسكري السخي لكييف، ومن المرجح أنه ‏سيتخذ سياسات مغايرة، وقد يلغي قرار بايدن باستخدام ‏صواريخ أتاكمز على الأراضي الروسية.‏

وصواريخ أتاكمز الأميركية يتخطى مداها 300 كيلومتر، أما ‏ستورم شادو البريطانية فمداها 250 كيلومتراً، وزوّدت دول ‏غربية عدّة أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى، لكنّها لم تسمح ‏باستخدامها لضرب مناطق روسية.‏

تحذير روسي

ورداً على الدعم الأمريكي لكييف، أصدرت روسيا تحذيرات ‏نووية في الأيام الأخيرة بينما اتهمت الغرب بـ "الرغبة في ‏التصعيد". ووفقاً لعقيدتها الجديدة بشأن استخدام الأسلحة ‏النووية التي أصبحت رسمية، الثلاثاء، يمكن لروسيا الآن ‏استخدامها في حال وقوع هجوم "ضخم" من دولة غير نووية ‏مدعومة من قوة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا ‏والولايات المتحدة.‏

وأكد رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ‏ناريشكين، الأربعاء، أن هذا التغيير "يستبعد فعلياً إمكان ‏هزيمة القوات المسلحة الروسية في ساحة المعركة"، مرجحاً ‏أن تلجأ روسيا إلى القنبلة الذرية بدلاً من أن تهزم في حرب ‏تقليدية.‏

إغلاق السفارات

أعلنت خمس سفارات غربية على الأقل، هي سفارات ‏الولايات المتحدة وإسبانيا وإيطاليا والمجر واليونان، أنها تغلق ‏أبوابها مؤقتاً بسبب التهديدات بهجوم جوي، بعد تشدد الخطاب ‏الروسي. في الوقت الذي دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ، ‏الأربعاء، إلى حشد "مزيد من الأصوات" للعمل من أجل "حل ‏سياسي" ينهي الحرب في أوكرانيا.‏

وفي حين تحقق روسيا تقدماً متسارعاً على الجبهات القتالية، ‏أعلى من الذي تحقق في بداية المعارك قبل أكثر من ألف يوم، ‏فإن مراقبين عسكريين يقولون إن لجوء أوكرانيا للصواريخ ‏الغربية بعيدة المدى لن يغير سير المعارك، وربما أتى بنتائج ‏عكسية تدميرية بالنظر على حدة الرد الروسي المتوقع.‏

يقرأون الآن