لبنان بلد صغير في مساحته وقدراته العسكرية والاقتصادية، بلا رئيس، ويدار بحكومة لتصريف الأعمال، صلاحياتها محدودة، ومجلس النواب في البلاد معطل، والصراعات والخلافات بين الأحزاب على أشدها.
هذا البلد الصغير، محدود الإمكانيات، علاقاته مع أشقائه من الدول العربية متوترة، وشبه مقطوعة، خاصة مع دول مجلس التعاون، ما أثر على تدفق ما كان يحصل عليه من مساعدات تقدمها هذه الدول لمعالجة أزماته المالية المتكررة، فضلاً عن انصراف السائح الخليجي عن لبنان إلى دول أخرى.
مع كل هذه التحديات، يواجه حرب إبادة كتلك التي قامت بها إسرائيل في قطاع غزة، حيث يواصل العدو الإسرائيلي بطيرانه الحربي إفراغ حمولتها من القنابل المدمرة على المباني بعد الطلب من السكان سرعة إخلائها، وأحياناً دون مثل هذا الإنذار، حين يكون لديه ما يعتقد بوجود عنصر من حزب الله، حتى ولو مات من مات من المدنيين، ومهما كان عددهم.
حرب إسرائيل في لبنان هي حرب مع ميليشيا، مع حزب الله تحديداً، ولا دور للجيش اللبناني في هذا العدوان الإسرائيلي الممنهج، فالحزب هو من ظل على مدى عقود هو من يقرر الحرب والسلم، باسم أنه حزب ممانعة، وقوة ردع لإسرائيل، وحامي حمى لبنان، متحملاً المسؤولية عن الجيش الوطني، دون إذنه أو موافقته أو أو الأخذ برأيه.
ما يحدث الآن هو تدمير للبنان، وقتل للمدنيين، وإضعاف لحزب الله، ولا مقارنة بين خسائر الحزب ولبنان من جهة وخسائر إسرائيل من جهة أخرى، لا من حيث الخسائر البشرية، أو التهديم، وحجم الاعتداءات المؤثرة، فالعبرة ليس بعدد ما يطلقه حزب الله من صواريخ، وإنما في عدد ما يصيب منها المواقع الإسرائيلية المستهدفة.
فحزب الله يطلق مئات الصواريخ والمسيرات، ولكن إصاباتها للمواقع المستهدفة محدودة، مقارنة بالهجوم الإسرائيلي الوحشي اليومي الواسع الذي لا يجد مقاومة من الحزب، لعدم وجود دفاع جوي لدى حزب الله لإسقاط الطائرات المعادية المغيرة على كل لبنان، بما في ذلك قلب بيروت.
هناك حديث عن وساطة أمريكية لوقف إطلاق النار، لكنها وساطة فاشلة، ولن تقبل بها إسرائيل إلا وفق شروطها وإملاءاتها وضمانات أمريكية، وقد يقبل بها حزب الله، لأنه لن يكون قادراً على الاستمرار في تحمل عدوان إرهابي كهذا، خاصة مع إجماع لبناني على أن الاتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يتم وبأي ثمن، محملين حزب الله جر لبنان إلى حرب مع إسرائيل غير متكافئة.
الجزيرة السعودية