مع دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى جلسة عامة في 14 و15 و16 الجاري لدرس وإقرار مشروع الموازنة لعام 2022، واثر انعقادها والاقرار، إن كُتب له، يُفترض ان يوجه الدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، ليتحول المجلس حكما الى هيئة ناخبة الى حين انجاز المهمة. ذلك ان بري كان وعد من راجعه من الدبلوماسييين، كما البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بتوجيهها مطلع ايلول مرجحا ذلك بين 5 و7 منه، الا ان ارضية الانتخاب لم تجهز، لا داخليا في ظل انعدام التوافق ولا خارجيا بفعل التعقيدات المستجدة على الملف النووي وتداعياتها المباشرة على لبنان وملفه الرئاسي.
وفي ضوء ما تقدم، ولأن التوافق على هوية الرئيس العتيد غير مؤمن، فتح الرئيس بري قنوات اتصاله مع القوى الحليفة والوسطية وفي مقدمها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وحزب الله بطبيعة الحال، على ان تُفتح لاحقا مع مكون مسيحي، "التيار الوطنيّ الحرّ" أو "القوات اللبنانية"، وإن تعذر وفق المتوقع، فمع بكركي على غرار ما جرى ايام البطريرك نصرالله صفير، لاختيار المرشح الرئاسي الجامع، كما تقول اوساط الرئيس نبيه بري، لأن لا مكان لرئيس التحدي والاستفزاز في الحقبة الراهنة. وتكشف ان المواصفات التي حددها رئيس المجلس اسقطت العديد من الاسماء المتداولة في لائحة المسترئسين، لتنحصر في الحد الاقصى بثلاثة لم يُكشف النقاب عنها في انتظار اتضاح الصورة الضبابية ونضوج الطبخة خارجيا، ما من شأنه مباركة رئيس التسوية، لينقلها بري اليه والى القوى السياسية والنواب الواجب ان يترجموه في صندوق الانتخاب.
وإذ تؤكد اوساط سياسية مطلعة لـ"المركزية" ان لا مكان للرئيس المفروض من فريق سياسي على غرار سيناريو انتخاب الرئيس ميشال عون، توضح ان الحزب يسعى لتأمين بعض المكاسب لحليفه النائب جبران باسيل، المعدومة حظوظه الرئاسية، وهو بعدما تسقط ايضا حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، سيعمد الى ضم باسيل الى لائحة صانعي الرئيس، وهو ما ذكره باسيل نفسه في احدى مقابلاته الصحافية. بذلك يحافظ الحزب على تحالفه مع "التيار" وتاليًا استمرار تأمين الغطاء المسيحي لمشروعه، ويمنع عودة التحالف بين التيار والقوات مجدداً، ويقطع الطريق على احتمال وصول رئيس سيادي، على ما يصفه به الطرف المناهض للحزب. وتضيف ان التصعيد غير المسبوق والمتدرج من جانب العهد وتياره هدفه تخويفي، حتى اذا لم يصل اي رئيس قريب منه، وبالامتيازات التي يمنحها له حزب الله، يُمنع عليه فتح اي ملف يتصل بالعهد.
المصادر ترجح بقوة فرضية الفراغ الرئاسي، ما يدفع الرئيس بري الى التحرك انطلاقًا من موقعه على رأس السلطة التشريعية رفضًا لبقاء الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا بعد 31 تشرين الأوّل في ما لو فشلت محاولات تشكيل حكومة جديدة، للحؤول دون نشوب صراع سنّي - ماروني يكون الرئيس نجيب ميقاتي رأس حربة فيه، وانزلاقه الى حيث لا تحمد عقباه.
المركزية