توسعت رقعة المعارك في سوريا خلال الساعات الأخيرة، حيث تقدمت الفصائل المسلحة إلى حدود حمص، فيما دخلت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى مناطق انسحب منها جيش النظام شرقي البلاد، وشن أيضا مسلحون هجمات على مواقع للنظام في الجنوب.
وبدأ مسلحون محليون هجوما واسعا ضد مواقع قوات النظام السوري في محافظة درعا، جنوبي سوريا. وقالت مصادر إعلامية من المحافظة، إن المسلحين "سيطروا على بلدة بصر الحرير في ريف درعا الشرقي، بما فيها من أسلحة ثقيلة وعتاد عسكري يتبع للنظام السوري".
وأشار إلى أن الهجمات التي بدأت قبل ساعتين تقريبا، "توسعت لتشمل عموم مناطق المحافظة، بينها نوى التي يحاصر فيها مسلحون الآن قيادة فرع الأمن العسكري".
ولم يصدر أي تعليق من جانب النظام السوري عما تشهده محافظة درعا من هجمات مفاجئة.
وذكر موقع "تجمع أحرار حوران"، أن المسلحين المحليين "سيطروا على حاجز الكسارة الذي يربط مدن وبلدات جاسم، وسملين، ونمر شمالي درعا".
أضعفت التطورات المتسارعة في سوريا منذ أكثر من أسبوع من قبضة رأس النظام بشار الأسد بعد أن تلقى جيشه ضربات متتالية أبرزها خروج حلب عن سيطرته واستيلاء الفصائل المسلحة على حماة.
كما تحدث الموقع الإخباري عن "اشتباكات عنيفة تدور على حاجز القوس في الغارية الشرقية بريف درعا، إثر هجوم لمقاتلين محليين على الحاجز التابع لقوات النظام".
كما نقل صحافيون في سوريا، أن تقارير محلية معارضة، كشفت أن قوات تابعة للنظام السوري انسحبت من منطقة شرقي درعا بعد هجوم مسلحين محليين.
وجاء أن "مفرزة المخابرات الجوية وحاجز عسكري تابع لها، انسحبوا من بلدة المسيفرة شرقي درعا باتجاه بلدة أم ولد"، وقال ناشطون إن "مسلحين محليين هاجموا حاجزاً تابعا للمخابرات الجوية في ريف درعا الغربي، فيما قصفت قوات النظام السوري بقذائف المدفعية أطراف مدينة نوى بالتزامن مع هجوم مقاتلين محليين على الأمن العسكري".
وكان النظام السوري قد استعاد السيطرة على درعا في عام 2018، لكنه لم يتمكن من بسط كامل سلطته الأمنية والعسكرية هناك.
ومنذ التاريخ المذكور، دخلت المحافظة بحالة فلتان أمني، تمثلت بحوادث اغتيال وتفجيرات، طالت مدنيين وعسكريين ومسؤولي إدارات محلية.
حمص السورية التي دخلت الفصائل المسلحة إلى تخومها من الجهة الشمالية، صباح الجمعة، لا تعتبر مجرد مدينة تحيط بها قرى وبلدات فحسب، بل هي مركز "ثقل استراتيجي وعسكري واجتماعي" للنظام السوري.
حمص الاستراتيجية
وتتزامن الهجمات ضد قوات النظام في درعا مع مواجهات تخوضها فصائل مسلحة أخرى في مدينة حمص، بعدما دخلتها صباح الجمعة انطلاقا من حماة.
وأعلنت الفصائل المسلحة أنها دخلت، الجمعة، حدود مدينة حمص الإدارية من جهة الشمال، وسيطرت على قرى وبلدات كانت قد خرجت عن سيطرة النظام السوري منذ سنوات، وعُرفت بعد عام 2018 بمناطق "التسويات".
وقالت إدارة العمليات العسكرية للعملية التي تُعرف بـ"ردع العدوان" وتقودها "هيئة تحرير الشام" المصنفة على لوائح الإرهاب الأميركية، والفصائل السورية المتحالفة معها، إنها سيطرت على مدينتي الرستن وتلبيسة.
كما أعلنت سيطرتها على كتيبة الهندسة في أطراف مدينة الرستن، الواقعة على أطراف حمص، وسط سوريا، وذلك بعد انسحاب قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لإيران من تلك المناطق.
وقال "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، الجمعة، إن الفصائل بدأت بالتقدم شمال مدينة حمص، بعد سيطرتها على حماة، وهو ما أكده مصدر في فصيل عسكري يضم تجمعا من أبناء حمص.
من جانبها، قالت وزارة الدفاع السورية، الجمعة، إنها قصفت "بنيران المدفعية والصواريخ والطيران الحربي السوري والروسي المشترك آليات الإرهابيين وتجمعاتهم في ريفي حماة الشمالي والجنوبي"، مضيفة أنها أوقعت "عشرات القتلى والمصابين وتدمر عدة آليات وعربات".
مع استمرار المعارك بين قوات النظام ومقاتلي الفصائل المسلحة.. إلى أين تسير الأوضاع في سوريا؟ ماذا بعد تمدد رقعة الاشتباكات؟ وماذا عن الأزمة الإنسانية التي تحدثت عنها الأمم المتحدة بسبب المواجهات؟
إلى أين تسير الأوضاع في سوريا؟
مع استمرار المعارك بين قوات النظام ومقاتلي الفصائل المسلحة.. إلى أين تسير الأوضاع في سوريا؟ ماذا بعد تمدد رقعة الاشتباكات؟ وماذا عن الأزمة الإنسانية التي تحدثت عنها الأمم المتحدة بسبب المواجهات؟
إيران وحزب الله
من جانبها، نقلت وكالات الانباء العالمية عن مصدرين أمنيين لبنانيين وصفتهما بـ"البارزين"، أن جماعة حزب الله اللبنانية "أرسلت الليلة الماضية عددا صغيرا" من العناصر إلى سوريا، "بهدف المساعدة في منع مقاتلي المعارضة من الاستيلاء على مدينة حمص" ذات الأهمية الاستراتيجية.
وقال ضابط من الجيش السوري ومسؤولان من المنطقة تربطهما صلات وثيقة بطهران، لرويترز أيضا، إن "قوات نخبة" من جماعة حزب الله المدعومة من إيران، "عبرت من لبنان خلال الليل واتخذت مواقع في حمص".
من جانبها، أكدت إيران على لسان مسؤول كبير، أنها "تعتزم إرسال صواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا، وزيادة عدد مستشاريها العسكريين هناك"، لدعم رئيس النظام بشار الأسد.
وذكر المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنه "من المرجح أن طهران ستحتاج لإرسال معدات عسكرية وصواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا.. وقد اتخذت طهران كل الخطوات اللازمة لزيادة عدد مستشاريها العسكريين في سوريا ونشر قوات".
وأضاف "الآن، تقدم طهران دعما استخباراتيا ودعما يتعلق بالأقمار الاصطناعية لسوريا"، في إشارة إلى نظام الأسد.
وفي الوقت نفسه، أشار المرصد السوري إلى أن "قوات النظام وقادة مجموعات موالية لطهران انسحبوا، الجمعة، بشكل مفاجئ من مدينة دير الزور في شرق البلاد".
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس: "انسحبت قوات النظام مع قادة مجموعات موالية لطهران بشكل مفاجئ من مدينة دير الزور وريفها باتجاه المنطقة الوسطى" في سوريا.
قوات "سوريا الديمقراطية" تحذر
حذر قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، من زيادة تحركات تنظيم داعش الإرهابي في مناطق شرقي سوريا بعد التطورات الأخيرة التي شنت فيها فصائل مسلحة معارضة هجوما واسعا منذ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
دير الزور ومعارك في الشرق
ونقلا عن مصادر ميدانية عسكرية في دير الزور، افيد أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) دخلت صباح الجمعة إلى مطار دير الزور العسكري، وعدة مناطق في محيط البوكمال على الحدود السورية العراقية.
وبدأت قوات سوريا الديمقراطية الدخول إلى أحياء دير الزور من معبر الصالحية شمالي المدينة. ولم تعلق "قسد" بشكل رسمي على هذه الأنباء.
وصباح اليوم ذكرت الانباء، إن قوات سوريا الديمقراطية سيطرت على مدينة معدان وبلدة السبخة و4 قرى في الريف الجنوبي الشرقي لمحافظة الرقة، بعد انسحاب النظام السوري من تلك المناطق.
من جانبه، حذر قائد "قسد"، مظلوم عبدي، من زيادة تحركات تنظيم داعش الإرهابي مستغلا التطورات الأخيرة.
وقال قائد المجموعة الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في مؤتمر صحفي، إنه في ظل التطورات الأخيرة "لاحظنا زيادة في تحركات عناصر داعش في البادية السورية ودير الزور وريف الرقة".
مواقف لأردوغان
قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الجمعة، إنه "يأمل" في أن "يواصل المقاتلون السوريون تقدمهم دون مشاكل"، مذكرا بأنه "اتصل" برئيس النظام السوري بشار الأسد وعرض عليه أن "يحددا مصير سوريا معا"، لكن لم يتلق "ردا إيجابيا".
وأضاف: "ننسق مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة أي تهديد من تنظيم داعش"، مشيرا إلى أن التنظيم "تمكّن من استعادة بعض الأراضي".
وقالت "قسد" في بيان صدر الخميس، أن داعش سيطر "على مساحات واسعة من بادية حمص ودير الزور، منتزعاً العديد من المدن والمواقع الاستراتيجية من قوات حكومة دمشق، حيث يحاول التنظيم مواصلة تمدده إلى مناطق أخرى غير محمية".
وأضافت أنها "اتخذت تدابير واسعة ومحكمة وستتدخل بشكل فعال، لصد أي محاولة تمدد لداعش باتجاه مناطق شمال وشرقي سوريا ومنع تكرار سيناريو عام 2014".
وأسفرت المعارك بشكل عام في البلاد عن نزوح 280 ألف شخص منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة في 27 نوفمبر، وفق بيانات أعلنتها الأمم المتحدة، الجمعة، وسط مخاوف من ارتفاع العدد إلى 1,5 مليون شخص.