ليس معلوماً بعد ما اذا كانت الاجواء الايجابية التي تبشر بقرب الفرج الحكومي جدية للغاية ام انها مجرد مناورة؟ وليس معلوماً في المقابل ما المستجد الذي جعل الطرفين يقتنعان فيتنازلان كل من جهته ليلتقيا عند منتصف الطريق. الخلافات التي اعاقت تشكيل الحكومة قبل اربعة اشهر لا تزال هي ذاتها، وعلى امتداد تلك الفترة بذل «حزب الله» جهداً مضنياً من دون ان ينجح في اقناعهما بتسيير الشأن الحكومي، لكن الجميع سلّم ان الفرج الحكومي اقترب من نهايته المرجوة على قاعدة «لا يفنى الديب ولا يموت الغنم». باختصار المشاورات التي حصلت خلال الايام القليلة الماضية أظهرت ان فرص تعويم الحكومة الحالية باتت مرتفعة. الطرفان باتا مقتنعين بضرورة التشكيل وعادا الى الواقع. الوقت صار ضاغطاً ونهاية العهد اقتربت والمصلحة تقتضي تشكيل حكومة او تعويم الحالية مع بعض الاضافات الطفيفة عليها.
تقول الرواية إن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنصت اخيراً لنصيحة صديق ضليع في السياسة وتقلباتها بأن العناد مع رئيس الجمهورية لن ينفع كما لن تنفع النكايات السياسية بالاصطفاف الى جانب هذا او ذاك من السياسيين بما يخلق الانطباع باستهداف المسيحيين. كان لمس ميقاتي كيف ان عون ورغم كل الضغوطات عليه لم يسايره في الشأن الحكومي ورفض استقباله عدة مرات الى ان بادر الى تهنئته بعيد السيدة العذراء طالبا زيارته وحصل ما حصل ومن يومها ولعبة عض الاصابع مستمرة بين الرئاستين الى ان اقتنع ميقاتي وبوساطة الصديق ان مصلحته تقتضي بتشكيل حكومة وأن التنازل لا بد منه لان عون لن يسلّم بسهولة. قبل فترة كان ميقاتي يرفض تعويم عون في آخر ايامه، فشد على يده وآزره جنبلاط الذي فضل التعطيل على اعطاء عون امتيازاً حكومياً. تعددت العوامل التي دفعت ميقاتي الى الاقتناع بأن وضع حكومته لن يكون مقبولاً لسد الفراغ الرئاسي، في المقابل لم يعد يفيد «حزب الله» التسليم باستمرار الوضع المهزوز على حاله فيما دنا العهد من نهايته والفراغ الرئاسي واقع لا محالة.
مارس «حزب الله» دور المسهل بين عون وميقاتي لاخراج الحكومة على اعتبار ان الطرفين كانا يحتاجان لمن ينزلهما عن شجرة المطالب التعجيزية، فوضع حزب الله بالتعاون مع رئيس المجلس نبيه بري السيبة التي تؤمن تراجعهما بروية، فتغاضى عون عن مطلب توسيع الحكومة فيما سلم ميقاتي بإبقاء التوازنات الحكومية على حالها.
مصادر الوسطاء تقول ان البحث في تشكيل الحكومة بات اكثر هدوءاً من ذي قبل، متوقعة ان تشهد عودة ميقاتي بلورة عملية للتفاؤل بالاتفاق مع عون على تشكيلة الحكومة المطعمة بوجوه جديدة. وحسب المعلومات فان الاتفاق تم على الآلية لانتقاء الوزراء الجدد بين عون وميقاتي. طويت صفحة وزراء الدولة الستة التي أصر عليها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مقابل ان لا يمس ميقاتي بالتوازنات القائمة في الحكومة الحالية وتكون تسمية البدائل عن الوزراء الحاليين المقترح استبدالهم بالتشاور والاتفاق بين عون وميقاتي فيتم انتقاء اسم بديل عن الوزير عصام شرف الدين بشخصية لا تستفز وليد جنبلاط (تم تداول اسم رمزي سليمان) ويتشارك عون مع كتلة نواب عكار في تسمية وزير من المنطقة.
خلال المشاورات نصح «حزب الله» ميقاتي بأن ابقاء الحكومة في وضعية تصريف الاعمال سيشكك في شرعيتها وستكون موضع انقسام بينما البلد بغنى عن الدخول في سجالات دستورية اضافية وليتم تشكيل حكومة اساسية وليس مستقيلة من دون المس بالتوازنات، وفي الوساطة لدى عون وباسيل تركز النقاش حول استحالة اضافة ستة وزراء جدد على الحكومة فتم التنازل عن الثلث المعطل حكومياً والاتفاق على ان يكون اختيار الوزراء بالتوافق بين الرئيسين واختيار شخصيات غير مستفزة.
والى ان يعود ميقاتي، ليس معلوماً ما اذا كان التفاؤل سيكمل مساره بنجاح وهل ان التغيير سيشمل اربعة وزراء بينهم وزير المالية يوسف الخليل ووزير السياحة وليد نصار الى الوزيرين امين سلام وشرف الدين ام سيقتصر على الاسمين الاخيرين؟ في المعلومات ان وزير المالية الممتعض من المزايدات السياسية عليه في مجلس النواب زار رئيس مجلس النواب نبيه بري وكان الاتفاق على استمرار وجوده في الحكومة لان الوقت لا يسمح بأي تغيير. مصادر مطلعة قالت ان صرف النظر عن تغيير الخليل مرده الى تجنب المس بالتمثيل الشيعي في الحكومة خاصة مع وجود رغبة لدى «حزب الله» بتوزير مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم قبل نهاية ولايته في شباط المقبل. وقالت ان بحث التغيير الحكومي كان تطرق الى تغيير الوزيرة نجلا رياشي لكن لم يتم الاتفاق بعد على اسم الوزير المسيحي المقترح ومن ضمن اي حصة. العبرة في الاتفاق على التفاصيل فهل سيكون شرط باسيل زيادة حصته وزيراً مسيحياً في الحكومة مقابل مشاركة ميقاتي تسمية البديل عن شرف الدين وسلام؟ وهل يتوسع التغيير ليشمل اربعة وزراء بدل وزيرين؟
غادة حلاوي - نداء الوطن