هل بدأ المغرب الوساطة لدى المجلس العسكري الحاكم في النيجر من أجل إطلاق سراح الرئيس المخلوع، محمد بازوم، بعد نجاح وساطة مماثلة في بوركينا فاسو بإطلاق 4 ضباط فرنسيين كانت تحتجزهم واغادوغو منذ عام؟.
وما العوائق التي قد تحول دون نجاح الوساطة التي سبق أن قامت بها عدة دول كالولايات المتحدة وفرنسا والجزائر وفشلت جميعها في تحقيق هدفها؟
ورغم صعوبة ملف بازوم مقارنة بقضية الضباط الفرنسيين الذين نجح المغرب في الإفراج عنهم، فإن الظروف الحالية قد تكون مؤاتية لنجاح وساطة يتخلص خلالها المجلس العسكري في النيجر من ثقل وجود "رئيس منتخب" لا ينفك يطالب بالسلطة، وينال بها بازوم حريته ويخرج من دوامة محاكمة كانت ستبقيه رهن الاعتقال لسنوات بتهمة "الخيانة والتآمر وتعريض أمن الدولة للخطر".
كشفت عدة تقارير أن المغرب يسعى لإنجاح وساطته بالإفراج عن بازوم، الرئيس النيجري المطاح به في انقلاب عسكري عام 2023، حيث احتُجز منذ ذلك الوقت في مقر إقامته الرسمي بالعاصمة نيامي.
ويعوّل المغرب على علاقاته المتميزة مع العسكريين في السلطة بنيامي، ويعتمد في ذلك على سياسته الأصيلة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للنيجر ولدول الساحل بصفة عامة، وحرصه على تعزيز حضوره اقتصاديا ودعم البنى التحتية واستقبال الطلبة الأفارقة للدراسة في جامعاته مجانا، وإيواء المهاجرين منهم وتسوية وضعيتهم القانونية.
قبل أسبوع بدأ بالنيجر العمل بأول محطة كهرباء يؤسسها المغرب في إطار خطة لبناء عدة محطات كهرباء أخرى بالنيجر، إضافة إلى مشاريع أخرى في الميدان الزراعي والتنموي، وكانت النيجر انضمت إلى المبادرة التي أطلقها المغرب والرامية إلى تسهيل وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.
سياسيا يحظى المغرب بمكانة مميزة في محيطه الإفريقي وخاصة في منطقة الساحل المتاخمة لحدوده الجنوبية، وترك نجاح وساطة المغرب في أزمة ليبيا وإصراره على جمع الفرقاء الليبيين على مدى سنوات أصداء جيدة في الدول الإفريقية خاصة التي عانت من تدهور الأوضاع بليبيا ومنها النيجر.
كيف سينجح المغرب في وساطة فشلت فيها الولايات المتحدة وفرنسا؟ سؤال يرى المراقبون أن الإجابة عنه تكمن في التوقيت والكيفية التي اختارها المغرب لتحركاته الدبلوماسية السرية، فالمغرب الذي سبق أن استقبل عددا من الرؤساء الأفارقة سواء بعد الانقلاب على أنظمتهم أو بعد انتهاء مأمورياتهم وتفضيلهم الإقامة بالمغرب، وكان آخرهم الرئيس السينغالي ماكي سال، سيعرض على العسكريين بالنيجر ما يضمن لهم التزام بازوم بترك العمل السياسي والإقامة بالمغرب.
ويعتقد العديد من المراقبين أن النيجر مستعدة للصفقة حاليا بعد أن رتبت أمورها الداخلية وقضت على أحلام بازوم بالعودة للسلطة، وذلك وسط رغبة في التخلص من وصم استمرار اعتقال رئيس منتخب حال حصولها على الضمانات الكافية لعدم ممارسة الرئيس السابق أي نشاط سياسي من شأنه أن يهدد النظام العسكري القائم في نيامي.
فيما يرى بعض المشككين في إمكانية نجاح الوساطة أن أعضاء من "المجلس الوطني لحماية الوطن" الذي تم تشكيله عقب الانقلاب على بازوم، لا يزالوا يشككون في التزام بازوم، المحب للسلطة، بالصمت، حال الإفراج عنه، ويعتقدون أن بقاء بازوم تحت أعينهم هو الضمان الوحيد لبقائهم في السلطة.