أصدرت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، اليوم الجمعة، تقريرها بعنوان "الفلسطينيون في سورية في ظل انهيار نظام الأسد". ويسلط هذا التقرير الضوء على واقع اللاجئين الفلسطينيين في البلاد عقب التحول السياسي الجذري الذي شهدته سورية.
وبدأ التحول الفعلي مع دخول قوات إدارة العمليات العسكرية لـ"معركة ردع العدوان" أولى مخيمات الفلسطينيين في سورية، وهو مخيم النيرب في حلب. تميز هذا الدخول بالسلاسة من دون وقوع معارك أو اشتباكات، حيث انسحب محمد السعيدي، قائد لواء القدس، ومقاتليه، إلى جانب مقاتلين محسوبين على التيار الإيراني، خارج المخيم. تكرر هذا المشهد في مخيم حندرات بحلب، وامتد ليشمل جميع المخيمات الفلسطينية في سورية، وفق ما أورد التقرير.
ويظهر التقرير أن مقاتلي المجموعات الفلسطينية كان لهم حضور واضح إلى جانب قوات إدارة العمليات العسكرية، خصوصًا أن العديد من أبناء المخيمات المذكورة كانوا قد انضموا إليها. هذا الانخراط لعب دورًا كبيرًا في طمأنة السكان في مختلف المحافظات السورية.
ووفقًا للتقرير، تمكنت إدارة العمليات العسكرية من كسر الحواجز والمعوقات التي كانت تمنع اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مخيماتهم. وكان نظام الأسد يعرقل هذه العودة، مما أجبر العديد منهم على اللجوء إلى شمال سورية أو دول الجوار. ومع ذلك، شهدت المخيمات عودة عشرات العائلات إليها، وهو ما أتاح لهم الخلاص من حياة الخيام ومعاناة التهجير.
وتطرق التقرير إلى تحديات متعددة قد تؤثر على استقرار الفلسطينيين في سورية، منها التحديات الأمنية، إضافة إلى تأثير الانقسامات الداخلية على السلطة في البلاد. كما أشار إلى الصعوبات التي تواجهها المخيمات في الحصول على الخدمات الأساسية، فضلًا عن التحدي الكبير المتمثل في الحفاظ على الهوية الوطنية وسط التغييرات السياسية والاجتماعية.
مدير "مجموعة العمل"، فايز أبو عيد، أوضح أن أهمية هذا التقرير، أو "تقدير الموقف"، تنبع من التغيير الجذري في المشهد السياسي السوري، الذي يحمل تداعيات عميقة على المنطقة والعالم. وهذا التغيير سيؤثر بشكل مباشر على حياة ملايين السوريين، بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون الذين يقيمون في سورية منذ عقود.
وأضاف أبو عيد أن قضية اللاجئين الفلسطينيين في سورية تُعد من القضايا الإنسانية المعقدة، إذ تتشابك مع الوضع السوري، ومع تغير المشهد السياسي وتولي المعارضة زمام الحكم، يثار تساؤل حول مستقبل الفلسطينيين في هذا البلد وما يواجهونه من تحديات وفرص.
وأشار التقرير إلى أن اللاجئين الفلسطينيين تعرضوا، مثل الشعب السوري، للأذى والتنكيل على يد نظام الأسد. فمنذ انطلاق الثورة، انخرط مئات الفلسطينيين في الحراك السلمي، ثم العسكري، ضد النظام السوري، وفق ما ذكر أبو عيد. في المقابل، انحازت أعداد أخرى إلى جانب النظام لتحقيق مكاسب شخصية بعيدًا عن الرأي العام الفلسطيني الذي كان يدعو إلى عدم الانخراط في الأحداث.
وخلال الثورة، قتل أكثر من 4,300 فلسطيني، وفقًا لإحصائيات "مجموعة العمل"، فيما اعتقل النظام أكثر من 3,000 فلسطيني على مدى 13 عامًا، بينهم نساء وأطفال وكبار في السن وعائلات بأكملها. كما دمر النظام السوري مخيمات اليرموك وحندرات ودرعا بالصواريخ والمدفعية، مخلفًا دمارًا واسعًا في الممتلكات، وصادر العشرات من منازل المعارضين الفلسطينيين الذين وصفهم بـ"الإرهابيين"، وفق توضيح أبو عيد.
واستعرض التقرير الخلفية التاريخية لوجود اللاجئين الفلسطينيين في سورية، حيث بدأت رحلتهم عام 1948 عقب النكبة بوصول نحو 85 ألف لاجئ. من ثم شهدت البلاد لاحقًا، موجات لجوء إضافية بسبب النزاعات الإقليمية، ليصل عددهم في عام 2013 إلى 564,691 لاجئًا مسجلًا وفقًا لإحصائيات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بينما يقدر العدد الفعلي بأكثر من 650 ألفًا.