شكلت الساعة البيولوجية التي تتولى ربط وظائف كثيرة في جسم الإنسان مع إيقاع الليل والنهار، موضوعاً لدراسات طبية متنوعة في العام 2024.
ولقد وجَدَت دراسة كبرى أن اضطراباً في تركيب الحمض الوراثي لديك، مسؤول عن عدم نهوضك من النوم مُبكّراً .
وفي بحث موسع، أجرى فريق علمي مسحاً مدققاً لبيانات ترجع إلى قرابة 700 ألف شخص، بهدف التعرّف إلى الأشخاص الذين تؤثر تراكيبهم الجينيّة على الإيقاع الطبيعي للساعة البيولوجيّة لديهم، وكذلك أحوالهم العقليّة- النفسيّة.
وتوصّل الفريق إلى تحديد دقيق لـ351 عنصراً جينيّاً يمكنها التأثير في الميل إلى اليقظة المُبكّرة صباحاً أو التأخّر في الذهاب إلى النوم ليلاً.
وجُمِعَتْ تلك البيانات من أشخاص مسجّلون في بنك البيانات الجينيّة البريطاني المعروف بإسم "يو كيه بيو بانك" UK Biobank، إضافة إلى اخرين أعطوا عيّناتهم الجينيّة إلى مختبرات شركة "23 أند مي" 23andMe.
وبالنتيجة، تبين الأشخاص الميّالون طبيعيّاً إلى الاستيقاظ المُبكّر في الصباح، أقل عرضة للإصابة باضطراب عقلى- عصبي حينما يتقدمون في العمر، وفق أولئك البحّاثة. ونشرت الدراسة التي شارك فيها علماء من مروحة جامعات في بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وهولندا وأستراليا، في المجلة العلميّة "نايتشر كوميونيكيشنز" Nature Communications.
وتفحّص البحّاثة جينات الأفراد ممن وصفوا أنفسهم بـ"الأشخاص الصباحيّين" أو "الأشخاص الليليّين". وخلص العلماء إلى وجود روابط قويّة بين تركيب الحمض الوراثي ("دي أن إيه" DNA) وبين القدرة على النهوض المُبكّر من النوم صباحاً.
وكذلك دلّت المعطيات إلى أنّ الأشخاص الذين صنّفوا أنفسهم ضمن "العصافير المُبكّرة" أقل تعرضاً لخطر الإصابة باضطرابات عقليّة- عصبيّة، بالمقارنة مع أولئك الذين صنّفوا أنفسم في خانة "بوم الليل". وقد تفحص العلماء العلاقة بين الـ351 عنصراً جينيّاً متّصلاً بوقت النهوض صباحاً من جهة، والجينات التي يُعرَف أنها ترتبط بظهور اضطرابات عقليّة- نفسيّة كالكآبة المرضيّة والشيزوفرينيا والتدهور المعرفي الإدراكي.
ووفق كلمات أولئك البحّاثة، "ثمة ارتباطات إحصائيّة واضحة وموثّقة علميّاً بين جينات الاستيقاظ الصباحي من جهة، وتلك التي تحمل الاستعداد الجيني للإصابة بمرض عقلي- عصبي من الجهة الاخرى. وقد تبيّن أن اضطرابات الصحة العقليّة- النفسيّة تكون بارزة على نحو نمطي في الأشخاص الليليّين. في هذه الدراسة، أظهرنا أن اليقظة في الصباح المُبكّر تتصل سلبيّاً مع الكآبة المرضيّة والشيزوفرينيا، لكنها ترتبط إيجابيّاً بالتمتع بصحة عقليّة متينة".