دولي

إسرائيل بنت مصنعا للذكاء الاصطناعي وجربته في غزة

إسرائيل بنت مصنعا للذكاء الاصطناعي وجربته في غزة

بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أمطرت القوات الإسرائيلية قطاع غزة بالقنابل، مستفيدة من قاعدة بيانات جُمعت بعناية على مر السنين فيها تفاصيل عناوين المنازل والأنفاق والبنية التحتية الحيوية لقطاع غزة، ولكن بعد نفاد بنك الأهداف لجأ الجيش إلى أداة ذكاء اصطناعي معقدة تسمى "هبسورا" أو "الإنجيل" يمكنها أن تولد بسرعة مئات الأهداف الإضافية.

بهذا الملخص صدّرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا حصريا بقلم إليزابيث دوسكين، قالت فيه إن إسرائيل، قبل سنوات من حرب غزة، حولت وحدة استخباراتها إلى أرض اختبار للذكاء الاصطناعي، وقد سمح استخدامه بإعادة تعبئة بنك أهداف الجيش الإسرائيلي بسرعة لمواصلة حملته دون انقطاع، مما أسهم في تسعير الحرب المستمرة على غزة.

وأذاع الجيش الإسرائيلي وجود هذه البرامج التي تشكل ما يعتبره بعض الخبراء المبادرة العسكرية الأكثر تقدما في مجال الذكاء الاصطناعي، وقد سعت واشنطن بوست في تحقيقها هذا للكشف عن تفاصيل لم يتم الإبلاغ عنها من قبل عن العمليات الداخلية لبرنامج التعلم الآلي، إلى جانب التاريخ السري الذي دام عقدا من الزمان لتطويره.

حصيلة القتلى

وكشف التحقيق أيضا عن نقاش داخل أعلى مستويات الجيش بدأ قبل سنوات من هجوم حماس، حول جودة المعلومات الاستخباراتية التي يجمعها الذكاء الاصطناعي، ومدى تدقيق توصيات التكنولوجيا، وهل التركيز على الذكاء الاصطناعي أضعف قدرات الاستخبارات الإسرائيلية.

وخلص بعض المنتقدين إلى أن برنامج الذكاء الاصطناعي كان قوة وراء الكواليس تعمل على رفع حصيلة القتلى في غزة، وقد أودت حتى الآن بحياة أكثر من 45 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال.

وبالإضافة إلى وثائق حصلت عليها، ذكرت الصحيفة أن تقريرها يستند أيضا إلى مقابلات مع أكثر من 12 شخصا على دراية بالأنظمة، تحدث العديد منهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة تفاصيل مواضيع الأمن القومي السرية للغاية.

وقال ستيفن فيلدشتاين من مؤسسة كارنيغي، وهو باحث في استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب، إن "ما يحدث في غزة مقدمة لتحول أوسع في كيفية خوض الحرب".

وزعم الجيش الإسرائيلي أن الاتهامات التي تقول إن استخدامه للذكاء الاصطناعي يعرض الأرواح للخطر غير صحيحة، وأوضح في بيان أنه لما زادت القدرة على تجميع المعلومات بشكل فعال كانت العملية أكثر دقة، خاصة أن كل ضابط ملزم بالتوقيع على أي توصيات من أنظمة "معالجة البيانات الضخمة" الخاصة به.

ودافع يوسي سارييل رئيس الوحدة 8200 -وهي استخبارات الإشارات التابعة للجيش- عن تطوير برنامج "الإنجيل"، وهو برنامج تعلم آلي مبني على مئات خوارزميات التنبؤ، يسمح للجنود بالاستعلام بسرعة عن كنز هائل من البيانات معروف داخل الجيش باسم "المسبح".

وبمراجعة كميات هائلة من البيانات من الاتصالات التي تم اعتراضها، ولقطات الأقمار الصناعية والشبكات الاجتماعية، تقوم الخوارزميات بإخراج إحداثيات الأنفاق والصواريخ وغيرها من الأهداف العسكرية، وتوضع التوصيات التي تصمد للتدقيق في بنك الأهداف من قبل ضابط كبير.

وتستخدم أداة أخرى للتعلم الآلي تسمى "لافندر" درجة مئوية للتنبؤ بمدى احتمال أن يكون الفلسطيني عضوا في جماعة مسلحة، مما يسمح للجيش الإسرائيلي بتوليد حجم كبير من الأهداف البشرية المحتملة بسرعة، كما أن هناك برامج خوارزمية أخرى تسمح للجنود بالاستعلام عن مجموعات بيانات مختلفة، لم يتم الإبلاغ عنها سابقا.

وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من الضباط أعربوا عن مخاوفهم من أن تكنولوجيا التعلم الآلي التي سرّعت اتخاذ القرار أخفت عيوبا أساسية، وبالفعل وجدت مراجعة داخلية أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي لمعالجة اللغة العربية بها أخطاء، وفشلت في فهم الكلمات والعبارات العامية الرئيسية، وفقا للقائدين العسكريين السابق ذكرهما.

كذلك تتنبأ تكنولوجيا التعلم الآلي في الجيش الإسرائيلي -حسب الصحيفة- بعدد المدنيين الذين قد يتأثرون بالهجمات، وكانت "نسبة الضحايا المدنيين المقبولة لدى الجيش الإسرائيلي في عام 2014 مدنيا واحدا لكل إرهابي رفيع المستوى"، حسب ما قاله تال ميمران المستشار القانوني السابق للجيش الإسرائيلي.

وفي حرب غزة، ارتفع العدد إلى 15 مدنيا لكل عضو منخفض المستوى من حماس و"أعلى بشكل كبير" بالنسبة للأعضاء من المستوى المتوسط ​​والعالي، حسب منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "كسر الصمت".

ويزعم بعض أنصار استخدام إسرائيل للتكنولوجيا أن نشر الابتكارات مثل الذكاء الاصطناعي بشكل عدواني أمر ضروري لبقاء دولة صغيرة تواجه أعداء مصممين وأقوياء. فقد قال بليز ميشتال، نائب رئيس السياسات في المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي، إن "التفوق التكنولوجي هو ما يحافظ على أمن إسرائيل، فكلما تمكنت من تحديد قدرات العدو بشكل أسرع وإخراجها من ساحة المعركة كانت الحرب أقصر، وستكون الخسائر أقل".

يقرأون الآن