بشهادة أهل البيت النيابي فإن جلسة الأمس النيابية كانت «ضحكاً على ذقون». يقول النائب المخضرم «دخلنا الى الجلسة ونحن نعرف مسبقاً النتيجة. ميشال معوض سينال 38 صوتاً لولا تخلّف البعض عن الحضور. ستريدا جعجع ونعمة افرام الذي غيّب نفسه بوصفه هو الآخر مرشحاً طبيعياً للرئاسة وإن لم يأت أحد على ذكر اسمه بعد. كان يفترض عقد مثل هذه الجلسة، فعقدت» يتابع حديثه مستبعداً أن يكون بمقدور هذا المجلس بتكوينه الحالي الخروج بتوافق على رئيس.
إذاً كانت النتيجة معروفة. بروفة نيابية خرج منها الثنائي وحلفاؤه مرتاحين على وضعهم فيما ستكون القوى الأخرى مضطرة الى ترتيب أمورها.
مستدركاً تجاوز المهلة الدستورية كي لا يصبح انعقاد الجلسات تلقائياً لانتخاب رئيس للجمهورية حدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة الأولى المخصصة لانتخاب الرئيس العتيد، لتحمل الدعوة ضمناً ردّاً على كل الأصوات التي طالبت باحترام المهل الدستورية من بكركي وكلام سيّدها الى مواقف المشككين. رمى الكرة في ملعب القوى الأخرى وحوّل المجلس النيابي الى آلة كشف النوايا رئاسياً فكانت جلسة حمّالة أوجه بالشكل والمضمون يمكن قراءتها من زوايا عدّة. بدليل المشهد النيابي فقد انتهى زمن النصف زائداً واحداً رئاسياً، ولم يعد بالإمكان انتخاب رئيس على الطريقة التي حملت سليمان فرنجية الجد الى بعبدا أي بزيادة صوت عن خصمه. حصل ذلك قبل الطائف. بعده صار التوافق عنوان نجاح الجلسة الرئاسية إقليمياً دولياً أو محلياً، المهم أن أعداد جلسات الانتخاب وإن توالت فلن تخرج بانتخاب رئيس جديد ما لم تتوج باتفاق مسبق على الاسم، وأن هذا المجلس يستحيل أن يخرج باتفاق على رئيس.
بنتيجة جلسة الأمس دخل النائب ميشال معوض نادي المرشحين وان كان معارضوه يأخذون عليه أنه المرشح الاقرب الى الاميركي وشريك مع المنظومة المصرفية لكنه أحدث جديداً من حيث نوعية المرشحين، في مواجهة رجل الأعمال سليم إده الذائع الصيت على الصعيد الدولي. وصول إده الى الرئاسة مرهون بمدى كونه شخصية مقبولة ولكنه لا يتمتع بصلة بين كل الافرقاء لتتبنى ترشيحه أما الأصوات التي نالها معوض وإن زادت عليها أصوات إده لاحقاً فلا تلغي أن اسمه كان عرضة للحرق طالما لم يحظَ ترشيحه باتفاق مسبق حتى بين قوى 14 اذار والتغييريين. المنافسة في مجلس النواب كانت بالشكل بين سليم إده وميشال معوض، وبالمضمون بين الورقة البيضاء ومقابلها.
بالنتيجة خرجت قوى 14 آذار والتغييريون بما يثبت تشرذمهما واستحالة اتفاقهما على اسم مرشح، وحتى وان حصل ذاك الاتفاق فمن غير الممكن لهما أن يؤمنا نصاب غالبية 86 صوتاً لانعقاد الجلسة. وليست قوى الثامن من آذار والتيار الوطني الحر على أفضل حال فهما لا يشكلان غالبية 86 صوتاً مجتمعين مع الحلفاء ولكن هذا لم يمنع أن الثنائي الشيعي والتيار الحر خرجا من الجلسة بوضعية أفضل من القوى الأخرى. لم يتعاطيا مع ترشيح معوض على انه ترشيح جدي لأن انتخاب رئيس تحدٍّ مرفوض، كما لم يتعاطيا جدياً مع انتخاب نواب تكتل اللقاء الديمقراطي لصالحه بالنظر الى كون موقف رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط غير ثابت وقد لا يصمد أمام أي توافق على اسم مغاير كسليمان فرنجية مثلاً، وان لم يؤيده فأقله يمكن أن يؤمّن النصاب لانعقاد الجلسة لان انتخاب الرئيس شرطه تأمين نصاب 86 نائباً وليس تصويتهم.
من وجهة نظر الثنائي فإن الجلسة أظهرت أن فريقه يمكنه أن يحشد بينما الفريق الآخر أظهر وجود اختلاف حقيقي في وجهات نظر نوابه. مجموعهم وإن اتفقوا لن يحصّل أغلبية تؤمّن نصاب جلسة اما الثنائي وحلفاؤه مع التيار الوطني الحر ونواب فرنجية وعدد من النواب السنة فيمكن أن يحشدوا لتأمين النصاب بالاتفاق مع جنبلاط. ولكن هذه القوى امام مشكل حقيقي وهي استحالة تأمين موافقة باسيل على انتخاب فرنجية، وفي حال شعرت بضعف حظوظه فهي في ورطة حقيقية حول شخصية البديل المنافس لمرشح قوى 14 آذار والسياديين.
اما لناحية سلوك النواب السنة في الجلسة الانتخابية الاولى وفي اعقاب اجتماع دار الفتوى ودعوة السفير السعودي فكان لافتاً تمايزهم بالتصويت لصالح لبنان ليبلغ عدد المصوتين على هذا النحو عشرة نواب ما يعني أن هؤلاء انتظموا خارج الاصطفافات واعطوا اشارة اولى بوحدة الصف وثانية بالتمايز حتى عن القوات اللبنانية.
قبيل رفع الجلسة اعلن بري انه لن يدعو لجلسة ثانية قبل التوافق على شخص الرئيس. التوافق بالوضع الحالي وبين الفريقين لا يبدو ممكناً في القريب العاجل ذلك ان تركيبة مجلس النواب بتوزيعه الحالي يستحيل ان تفضي الى تأمين الأصوات اللازمة لفوز رئيس سواء من 8 او 14 آذار او السياديين ما يعني أن شرط بري لن يكون ممكناً تحقيقه ما لم يطرأ أي تحول إقليمي أو دولي ينعكس على الاستحقاق. عند بداية الجلسة قال نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب رداً على سؤال إن جلسة اليوم (الامس) النيابية ستنتهي الى الاعلان عن نهاية مرشح سابق للجمهورية ليردّ عليه زميله مصححاً «بل نهاية المرشح الراسب للجمهورية».
غادة حلاوي - نداء الوطن