انتقد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف طهران بشدة متهماً إياها بإساءة العلاقات بين البلدين. إذ أكد أن بلاده لم تكن سبب المشاكل.
وقال في مقابلة مع وسائل إعلام محلية مساء أمس الثلاثاء: "في البداية، أرسلت إيران شاحناتها إلى كاراباخ بعد حرب عام 2020 (وهي أرض أذرية احتلتها أرمينيا آنذاك)، من دون الحصول على إذن منا، فطلبنا منها التوقف، لكنها استمرت"، مردفاً أنه "بعد توقيف بعض السائقين ومراجعة الوثائق، اكتشفنا أنهم غيروا أرقام الشاحنات وزوروا أيضاً اسم إحدى المدن التاريخية الأذربيجانية وأطلقوا عليها اسم ستيباناكيرت".
أما بعد هذه الحادثة، فأشار إلى أن طهران مضت في تهديداتها لبلاده عبر خطب رجال دين في محافظة أردبيل وإجراء مناورات عسكرية قرب الحدود.
ورداً على ذلك، قال إن بلاده نظمت مناورة عسكرية على حدودها مع إيران، و"أثبتت أنها لا تخشاها لأنها على حق".
كما أضاف أن "كل هذه التهديدات كانت نتيجة ضعفهم، وكنا ندرك ذلك جيداً. فأعلنوا أنهم يريدون تنظيم العلاقات بين البلدين، لكننا شاهدنا العمل الإرهابي المنظم من خلال الهجوم المسلح على سفارة أذربيجان في طهران".
ثم أكمل حديثه بالقول: "لاحقاً، أكد لي وزير الخارجية الإيراني آنذاك، الراحل حسين أمير عبد اللهيان، أنه سيُحكم على المهاجم بالإعدام. وبناء على هذا التعهد، كنا مستعدين لاستئناف عمل السفارة في طهران، لكنهم خدعونا ثانية.. إذ أعادوا القضية إلى التحقيق بعد صدور الحكم".
كما شدد على أن الأيام الأخيرة شهدت هجوماً في وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية على رئيسي أذربيجان وتركيا. وقال: "هذه المرة أيضاً، قام إمام جمعة أردبيل، بتنظيم مراسم تم بثها مباشرة على التلفزيون الإيراني، أُطلقت فيها إهانات غير لائقة ضد الشعب الأذربيجاني ورئيسه".
كذلك لفت إلى أنه "رغم أن وزارة الخارجية الإيرانية أعربت عن أسفها لهذا الحادث، إلا أن ذلك غير كافٍ، بل ينبغي تقديم اعتذار رسمي واتخاذ إجراءات ضد رجل الدين الذي قام مراراً بأعمال عدائية ضد بلادنا".
وفي إشارة غير مباشرة لتعيين إمام جمعة أردبيل من قبل المرشد الإيراني علي خامنئي، قال: "نحن ندرك جيداً أن هذا الشخص لم يصل إلى منصبه بشكل مستقل، ونعرف من عيّنه، لذا، نحن ننتظر لنعرف كيف سيتعامل المسؤول عن تعيينه معه، وإن كان سيدعمه أم سيقيله".
إلى ذلك تحدى موقف إيران وأرمينيا الرافض لفتح ممر زنغزور، حيث أشار إلى سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، قائلاً: "على القيادة الأرمنية أن تدرك أن أقرب حليف لها في الشرق الأوسط، أي نظام الأسد، قد انتهى، وهذا المسار سيستمر".
وتابع: "لم تكن أذربيجان يوماً مصدر تهديد لأرمينيا، ونتوقع منها أن تلتزم بتعهداتها وتتبع سلوكاً صحيحاً".
كما أكد أن بلاده تسعى إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، ولا تريد أن تعمل أرمينيا كعائق جغرافي بين أذربيجان وتركيا.
ما هو ممر زنغزور؟
يذكر أن ممر زنغزور هو مشروع تسعى أذربيجان لتنفيذه بهدف ربط إقليم نخجوان الذاتي بأراضيها الرئيسية عبر الأراضي الأرمنية، وتحديداً من خلال مقاطعة سيونيك بمحاذاة الحدود الأرمينية الإيرانية.
كما يعد هذا الممر جزءاً من اتفاقية السلام التي أبرمت عام 2020 بين أذربيجان وأرمينيا بوساطة روسية، والتي أنهت حرب كاراباخ الثانية. ويهدف المشروع أيضاً إلى تعزيز الربط الإقليمي مع تركيا والدول المجاورة.
غير أن إيران تعارض فتحه لعدة أسباب منها، التأثير الجيوسياسي، إذ تعتبر أن إنشاءه يهدد بقطع اتصالها البري مع أرمينيا والقوقاز، مما يضعف روابطها مع أوروبا.
كما تخشى من تعزيز النفوذ التركي، إذ يؤدي المشروع إلى توسيع نفوذ تركيا في القوقاز، ما قد يؤثر على التوازن الإقليمي.
وأخيرا، تشعر طهران بالقلق من تغيير الحدود الدولية، فقد أكدت مراراً رفضها لأي تغيير في الحدود المعترف بها دولياً، معتبرة ممر زنغزور تهديداً لوحدة الأراضي.
في المقابل يشكل الممر أهمية كبرى لأذربيجان وتركيا، وذلك للأسباب التالية:
1. ربط الأراضي الأذربيجانية: يوفر الممر ربطاً مباشراً بين أذربيجان وإقليم نخجوان وتركيا، ما يعزز وحدة الأراضي الأذربيجانية.
2. توسيع النفوذ التركي: يساعد الممر تركيا على تحقيق وصول مباشر إلى القوقاز وآسيا الوسطى، مما يدعم مشاريعها الاقتصادية ونفوذها الجيوسياسي.
3. تعزيز التجارة الإقليمية: يمكن للممر أن يلعب دوراً حيوياً في التجارة الإقليمية وحركة النقل، ما يعزز من المكانة الاقتصادية لتركيا وأذربيجان.
إلى ذلك يشكل نقطة خلاف جيوسياسية رئيسية في المنطقة. وبينما تسعى أذربيجان وتركيا لتحقيق مكاسب استراتيجية، ترى إيران وأرمينيا في المشروع تهديداً لمصالحهما الإقليمية ووحدة أراضيهما.