من قصر بعبدا، أعلن رئيس الحكومة المكلف نواف سلام بعد اللقاء الثلاثي الذي جمعه برئيسي الجمهورية جوزف عون ومجلس النواب نبيه بري، الخطوط العريضة لبرنامج عمل حكومته.
على أهمية الالتزامات التي تعهد بها، ملاقياً خطاب القسم لرئيس الجمهورية، لم يغفل الإجابة عن الهواجس التي برزت لدى الفريق الشيعي ممثلاً بثنائية "أمل"-"حزب الله"، على أثر ما وصفه بـ"الصفعة" أو "الخديعة" من خلال إسقاط القوى السياسية الاتفاق الذي أفضى إلى سحب الثنائي الورقة البيضاء من صندوقة الاقتراع واستبدالها باسم جوزف عون وفق ما ورد في "النهار".
فالمخاوف من أن يؤدي الخروج عن التفاهم السابق القاضي بتسمية نجيب ميقاتي، واستبداله باسم القاضي سلام، إلى ضرب المناخ الإيجابي الداخلي والخارجي الناجم عن سلاسة إنجاز استحقاقي الرئاسة والتكليف، ليعود التذكير بالمشهديات المعقدة لمسار تأليف الحكومات في لبنان، كلها أثارت سؤالا أساسيا عما إذا كان الحزب "سيبتلع" الضربة ويسير بالحكومة مشاركة وثقة، أو أنه سيتمسك بالمطالب الموعود بها والمتصلة بحيز كبير في الحكومة وتطبيق القرار ١٧٠١ وسحب سلاحه وإنجاز اتفاق وقف النار على مسافة أقل من أسبوعين من انتهاء مهلة الستين يوماً.
ليست كلمة السر السعودية التي قيل إنها أبلغت إلى النواب السنّة وعدد من نواب المعارضة لتسمية سلام، الضربة الوحيدة التي تلقاها الثنائي، بل هناك، وربما الأهم، مصير التفاهم الذي حصل مع الرئيس عون قبيل انتخابه في الساعتين اللتين رفع فيهما بري جلسة الانتخاب، بحثاً عن ضمانات مطلوبة من قائد الجيش شرطاً لمنحه أصوات الشيعة.
ساعتان في فندق "مونرو"، لا يزال مضمونهما محاطاً بالكتمان رغم كل التسريبات، من شأنهما أن تبلورا صورة المشاركة الشيعية في الحكومة. وقد تلقف الرئيس المكلف هواجس هذا الفريق على التفاهم المسبق، بعدما عبر عنها رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" من قصر بعبدا إثر جلسة الاستشارات، عندما طمأن سلام أمس الوسط الشيعي بشقيه الشعبي والسياسي إلى أمرين أساسيين بالنسبة إليه: إعادة الإعمار أولوية، وقد استهلّ كلمته بها إذ أكد أن هذا المشروع ليس وعداً بل التزام، وإن يكن أرفقه بتأكيد "العمل الجاد على تطبيق القرار ١٧٠١ واتفاق وقف النار وبسط سلطة الدولة بقواها وفق دستور الطائف". والأمر الثاني الذي يلاقي الهواجس الشيعية، تأكيد سلام أنه ليس بفطرته، "من أهل الإقصاء او الاستبعاد، بل من أهل الشراكة الوطنية"، كاشفاً أن هذه "دعوتي الصادقة، ويداي ممدودتان من أجل البدء بالإصلاح كي لا يشعر أي مواطن بالتهميش".
وفُهم من كلام سلام أنه ليس في وارد أي استفزاز، بل على العكس هو آتٍ للاحتواء، على نحو لا يؤدي إلى تفخيخ العهد وحكومته الأولى بالاستعصاء والتعطيل.
والسؤال: هل يتلقف الثنائي هذه الإيجابية؟ وأي ضمانات يمكن أن يقدمها عون وسلام لطمأنة هذا الفريق إلى مكانته على الساحة السياسية ما دام ملتزماً العمل السياسي حصراً وتعهدات لبنان حيال القرارات الدولية؟
تؤكد أوساط قريبة من الرئيس بري أن المشكلة ليست في الثنائي، وهو سار بخيار ميقاتي عندما لم يكن أي من المرشحين الآخرين مثل النائبين إبرهيم منيمنة وفؤاد مخزومي قد أعلنا ترشحهما قبل سحبهما فجأة في ربع الساعة الأخير من الاستشارات لمصلحة سلام. وتذكر هذه الأوساط بأن الثنائي كان وافق سابقاً على تكليف سلام رئاسة الحكومة عندما رُسمت معادلة سليمان فرنجية للرئاسة وسلام للحكومة. كما أنه سار بالرزمة التي تم الاتفاق عليها في اجتماع الساعتين في فندق "مونرو" قبل انعقاد الدورة الانتخابية الثانية. وعليه، فإن الثنائي سيواكب الاستشارات وسيشارك في الحكومة إذا تم التزام تلك التعهدات.
شرطان يمكن أن يساعدا الحزب على المشاركة في الحكومة، أحدهما يتصل بشكلها وما إذا كانت سياسية أو حكومة تكنوقراط، وثانيهما اعتماد مبدأ فصل السلطات. وينتظر أن يتم السير بهذين المبدأين على نحو يوفر على الحزب الإحراج في اختيار شخصيات حزبية أو مستفزة لن تكون مقبولة، والذهاب إلى شخصيات شيعية تتمتع بالكفاءة وليست منضوية حزبياً. وعلم أن الاجتماع الثلاثي في بعبدا تناول هذه النقطة وكان توافق على مبدأ عدم الإقصاء، وهو ما دفع سلام إلى تأكيده في خطاب التكليف بحسب "النهار".