بينما تتجه الأنظار لعقد لقاءٍ جديد سيجمع خلال هذا الأسبوع قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بالإدارة السورية الجديدة التي يقودها أحمد الشرع، يواصل كلا الطرفين تبادل الرسائل عبر وسائل الإعلام دون أن يقدم أي منهما على خطواتٍ فعلية وملموسة حتى الآن.
لاسيما أن توحيد الفصائل العسكرية المتعددة التي تأسست بعد الاحتجاجات الشعبية في سوريا عام 2011 والتي طالبت بإسقاط نظام الرئيس السابق بشار الأسد الذي فرّ إلى روسيا الشهر الماضي، لا يزال العقبة الأكبر أمام تشكيل جيش جديد للبلاد عقب الإطاحة بالأسد.
ورغم حصول لقاء مباشر في نهاية ديسمبر الماضي بين قائد قسد مظلوم عبدي والشرع،لم يصل الجانبان إلى أي نتائج بشأن مستقبل "قسد" التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية أبرز مكوناتها وتسيطر كلياً وجزئياً على 4 محافظات سورية هي حلب والحسكة والرقة ودير الزور.
إذ ترفض قسد حلّ نفسها وهو الأمر الذي تطالب به تركيا التي تتهم هذه القوات بأنها امتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور لدى أنقرة والذي يخوض تمرّداً مسلّحاً ضدها منذ العام 1984. وعلى إثر ذلك خاض الجيش التركي 3 عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية وتمكن من خلالها السيطرة على 3 مدن كردية وذات غالبية كردية تقع على الحدود السورية ـ التركية بين عامي 2016 و2019.
وذكر مصدر من القيادة العامة لقسد لـ "العربية.نت" أن "حل قواتنا أو تسليم سلاحنا لدمشق أمر مرفوض تماماً على الأقل في الوقت الحالي رغم التفاوض مع الإدارة الجديدة".
كما أوضح أن "قوات سوريا الديمقراطية يمكنها أن تكون جزءاً من الجيش السوري الذي سيتمّ تشكليه إذا ما شاركت في الحكومة التي تتولى هذه المهمة".
وتعليقاً على ذلك قال المحلل السياسي السوري غسان يوسف المقيم في دمشق إن "قسد أو المنطقة الشمالية الشرقية بشكل عام، يجب أن تخضع للدستور السوري المقبل، الذي سيتم كتابته بعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في 20 فبراير القادم، لكن ليس معلوماً بعد كيف سيكون شكل الحكم من ناحية اللامركزية، فهذا يعود إلى شكل الدولة التي ستكتب في الدستور؛ هل هي لامركزية أم فيدرالية أم مركزية، وهذا يعني أن مسار التفاوض الحالي بين قسد والإدارة الجديد قد يكون طويلاً"، على حدّ تعبّيره.
كما اعتبر أنه "من المبكر فرض أي حل بدون أن يكون هناك دستور جديد، وحكومة تطبق ما جاء في الدستور من خلال القانون وما نصّ عليه". وقال "سوريا لا تزال رسمياً هي الجمهورية العربية السورية ولا أرى أن الإدارة الجديدة ستغير هذه التسمية".
وتابع: "سيتفق السوريون على اسم الدولة في الدستور، وفي حال تم الاتفاق في نص أو مادة بالدستور بأنها الجمهورية السورية مع حذف كلمة العربية فهذا يكون باتفاق وإجماع الكل، والدستور سيعرض على استفتاء عام، وأيضاً ينبغي أن يشارك في صياغته كل الجهات السورية بما في ذلك الكردية مثل قسد أو من مجلسها السياسي مسد أو من أحزاب كردية أخرى كالمجلس الوطني الكردي، فحينها سيكون الجميع ملزماً بالدستور".
من جهته، رأى الأكاديمي الكردي السوري طارق حمو من المركز الكردي للدراسات أن "الصيغة الأفضل لسوريا الجديدة بعد عقود من حكم آل الاسد، هي الصيغة اللامركزية على أساس إداري/ جغرافي. وضمن هذه الصيغة تستطيع المكونات السورية أن تضمن خصوصياتها، وأن تدير شؤونها بنفسها، دون أن تقع تحت سطوة المركزية التي تدير دون أخذ الخصوصيات في الاعتبار".
كما أضاف أن "سوريا الحالية التي كانت تدار في السابق بطريقة شديدة المركزية وبفكر أحادي واحد، تمتلك فرصة حقيقية لتكون بلداً جديداً ملكاً لكل أهلها، دون احتكار المركز للسلطات وإدارة ثروات البلاد كما كان يحصل سابقاً".