عوضا عن إدانة اعتداءات أنصار حزبه على إعلاميين في جنوب لبنان خلال تغطية عودة الأهالي إلى قراهم في 26 كانون الثاني/ يناير الماضي، اختار النائب عن حزب الله، إبراهيم الموسوي، توجيه الانتقادات نحو المؤسسات الإعلامية اللبنانية وتصنيف تغطياتها إلى ثلاثة مستويات.
وفي حديثه لموقع "المنار" التابع للحزب في الأول من فبراير، اعتبر الموسوي أن بعض وسائل الإعلام كانت "مقصّرة" في تغطية الأحداث.
وانتقد " تلفزيون لبنان" الرسمي لاختياره بث الرسوم المتحركة بدلاً من مواكبة التطورات الميدانية.
كما وجّه اتهامات لوسائل إعلام أخرى باتباع أجندات تخدم "العدو"، من خلال تسليطها الضوء على حجم الدمار في القرى الجنوبية، وهو ما وصفه بمحاولة لتشويه صورة "المقاومة" وتحميلها مسؤولية الأضرار.
لبنانيون يتصدون لحزب الله
ورغم سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى وتمديد الهدنة حتى 18 شباط/ فبراير، يواصل الحزب دعواته لما يصفه بـ"الزحف" نحو القرى الحدودية، حيث حدد موعداً جديداً لذلك يوم الأحد القادم.
في المقابل، أثنى الموسوي على ما أسماه "الإعلام الملتزم بالهوية الوطنية"، الذي تبنى رواية حزب الله وعكس ما وصفه "بالصورة الحقيقية لصمود الأهالي وثباتهم والتفافهم حول خيار المقاومة".
تصنيف الإعلام من قبل نائب حزب الله المصنف جماعة إرهابية، إلى جانب القيود المفروضة على وسائل الإعلام التي لا تتماشى مع توجهات الحزب، يثير تساؤلات متجددة حول واقع حرية الإعلام في لبنان.
كما يسلط هذا التصنيف الضوء على الضغوط التي تواجه الإعلاميين في نقل معاناة الناس في المناطق الخاضعة لنفوذ الحزب، بعيداً عن السرديات المفروضة التي تخدم أجنداته السياسية.
لبنانيو الجنوب بقلب التصعيد
ترجم حزب الله التصعيد الذي هدد به في حال لم ينسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان بعد انتهاء مهلة الستين يوماً التي نص عليها اتفاق وقف النار، من خلال حث أهالي الجنوب اللبناني على التوجه إلى البلدات الحدودية، غير مكترث بالمخاطر التي قد تترتب على تعريضهم لخطر مواجهة مباشرة مع الجيش الإسرائيلي.
وتعليقاً على تصريحات النائب عن حزب الله إبراهيم الموسوي، الذي اتهم بعض وسائل الإعلام بخدمة "أجندة العدو" من خلال التركيز على حجم الدمار، قال عضو جمعية "اعلاميون من أجل الحرية": "يحيرنا الموسوي، فتارة يتهم إسرائيل بأنها دمرت الجنوب، وتارة يعتبر تصوير الدمار خدمة للعدو. هل يريد أن يرى الناس ترقص على أشلاء ضحاياها لتبدو وكأنها انتصرت؟".
وأكد أن الإعلام الذي يمثل رأياً آخر عن حزب الله ينقل الواقع الحقيقي، بينما يروج الإعلام التابع للحزب دائماً لفكرة "النصر"، ويضيف "إذا كان حزب الله يرى أن هذه الصورة تخدم العدو، كان الأولى به أن يتجنب جر لبنان إلى الحرب".
وفيما يتعلق بانتقاد الموسوي لتلفزيون لبنان بسبب بثه رسوماً متحركة خلال الحرب، قال دياب: "يريد الموسوي أن يشرف على جميع التلفزيونات، بينما لديه تلفزيون المنار والإعلام الإيراني الذي يكفيه. يجب أن يقبل بوجود رأي آخر في البلد وقنوات لها رأيها المغاير وجمهورها".
انعكاسات واسعة
الاعتداءات على الإعلاميين قوبلت بموجة من الاستنكار، فقد عبّر وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، زياد المكاري، عن استغرابه من "التعرض لمن خاطروا بحياتهم ولا يزالون، من أجل تغطية الحدث بأمانة ومهنية، وفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي". وذكّر بأن "الإعلاميين شركاء في كل معركة، ويجب حمايتهم لا التهجم عليهم".
من جهته، أصدر نادي الصحافة بياناً استنكر فيه "مقابلة اندفاع الإعلاميين ومواكبتهم المهنية والموضوعية في جنوب لبنان بممارسات عنيفة مرفوضة وترهيب غير مبرر".
ودعا السلطات المختصة إلى "التدخل وتوقيف المعتدين ليكونوا عبرة لسواهم"، مطالباً الأجهزة الأمنية بـ"كشف أسماء المعتدين وتقديمهم إلى القضاء، مع إعلان الجهة التي ينتمون إليها، لأن التستر عليهم يسمح لهم بمواصلة اعتداءاتهم"،
بدورها، استنكرت نقابة محرري الصحافة اللبنانية هذه الاعتداءات بشدة، مؤكدة موقفها "الثابت والواضح برفض التعرض لأي صحافي أو إعلامي، بغض النظر عن الوسيلة التي ينتمي إليها"، وشددت على "رفض استخدام العنف أو أي شكل من أشكال الضغط تحت أي ذريعة".
وتترك الاعتداءات على الصحفيين والإعلاميين تأثيراً كبيراً على عدة مستويات، حيث توضح جربوع أن "هذه الاعتداءات تدفع الصحفيين إلى ممارسة الرقابة الذاتية، مما يجعلهم يتجنبون تغطية أو نشر معلومات تتعلق بقضايا وملفات حساسة، هذا يؤدي إلى تقليص نطاق التغطية الصحفية..".
وبالإضافة إلى ذلك، "تظهر تحديات أكبر في جمع المعلومات بشكل شامل ودقيق، وقد تمنعهم هذه الاعتداءات من التواجد في بعض المناطق لتجنب التعرض لمخاطر مشابهة. والأخطر من ذلك، هو امتناعهم عن نشر تفاصيل تتعلق بهذه الاعتداءات خوفاً من ردود فعل المعتدين، أو من تأثير ذلك على قدرتهم على العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة القوى الحزبية التي تقف وراء هذه الاعتداءات"، وفق جربوع.