شهدت سوق العملات المشفرة خسائر فادحة تجاوزت 600 مليار دولار خلال يومين فقط، وذلك بعد توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يفرض رسومًا جمركية جديدة على الواردات من كندا والمكسيك والصين.
هذا القرار أدى إلى صعود الدولار الأميركي إلى أعلى مستوياته في أكثر من عامين، ما ضغط بشدة على الأصول المقومة بالدولار وأشعل موجة بيع واسعة للأصول عالية المخاطر، حيث تراجعت القيمة الإجمالية لسوق العملات المشفرة من 3.61 تريليون دولار إلى 2.99 تريليون دولار، مسجلة خسائر تفوق 620 مليار دولار.
انخفضت "بيتكوين" مؤقتًا إلى ما يقارب 90 ألف دولار قبل أن تستقر عند 94 ألف دولار، بخسائر أسبوعية بلغت 7.15%، بينما كانت عملات الميم الأكثر تضررًا، حيث سجل مؤشر GMCI Solana Memes انخفاضًا بنسبة 13% خلال 24 ساعة و30% خلال الأسبوع، وهبطت عملة ترامب بنسبة 7% يوميًا و30% أسبوعيًا، بينما تراجعت عملة ميلانيا ترامب بنسبة 15% خلال 24 ساعة و38% أسبوعيًا، في حين خسرت 19 من أصل 20 عملة ميم رئيسية أكثر من 20% خلال الأسبوع الماضي، مع تراجع "شيبا إينو" بنسبة 17.3%.
تتباين التوقعات حول مستقبل العملات المشفرة في ظل هذه الأزمة، حيث يرى جيف بارك من منصة Bitwise أن حالة عدم اليقين الاقتصادي قد تدفع المزيد من المستثمرين إلى العملات المشفرة باعتبارها ملاذًا آمنًا، مما قد يعزز قوة بيتكوين على المدى الطويل، في حين يحذر آدم كوشران من Cinneamhain Ventures من أن بيتكوين لا تزال مرتبطة باتجاهات السوق التقليدية، مما قد يعيق انتعاشها إذا استمرت الأسواق المالية في التراجع، بينما يشير نيك بوكرين، الرئيس التنفيذي لشركة Coin Bureau، إلى أن استمرار عدم الاستقرار في الأسواق قد يعرقل المسار الصعودي الأخير لبيتكوين.
على الجانب السياسي، دافع ترامب عن قراره بفرض الرسوم الجمركية من خلال منشور على منصة Truth Social، حيث قال: "سيكون هذا العصر الذهبي لأميركا! هل سيكون هناك بعض الألم؟ نعم، ربما (وربما لا!)، لكننا سنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى، وسيكون كل هذا يستحق الثمن الذي يجب دفعه".
في الوقت نفسه، تشير تقديرات Bloomberg Economics إلى أن هذه الرسوم الجديدة سترفع معدلات التعريفات الجمركية الأميركية إلى أعلى مستوياتها منذ أربعينيات القرن الماضي، مما يزيد من مخاوف التضخم ويدفع المستثمرين إلى الحذر الشديد، إذ يرى البعض أن بيتكوين قد تكون تحوطًا ضد عدم الاستقرار الاقتصادي، بينما يعتبر آخرون أن خسائرها الأخيرة تعكس تجنب المستثمرين للمخاطرة على نطاق واسع.
ورغم التراجع الحاد في سوق العملات المشفرة، لا يزال المستثمرون المؤسسيون الكبار مثل بلاك روك يواصلون شراء بيتكوين والإيثريوم، ما يشير إلى استمرار ثقتهم بإمكانيات التشفير على المدى الطويل، وفقًا لبيانات Glassnode. وبينما يراهن البعض على العملات المشفرة كتحوط ضد الأزمات الاقتصادية، يرى آخرون أنها لا تزال عرضة لتأثيرات السوق الأوسع، ومع تصاعد المخاوف التضخمية نتيجة الرسوم الجمركية، ستظل سوق التشفير في حالة من التذبذب الحاد، وسط ترقب المستثمرين لقرارات سياسية واقتصادية جديدة قد تحدد الاتجاه القادم.