لبنان

حكومة سلام: ثلث معطّل والتوقيع الثالث بيد الممانعة!

حكومة سلام: ثلث معطّل والتوقيع الثالث بيد الممانعة!

يعدّ نواف الليالي العجاف قبل دخول السراي الحكوميّ الكبير، مشحوناً بدعمين عربيّ وغربيّ كبيرَين وبمساندة شيعية تبدأ بالثنائي ولا تنتهي بالمعارضة وبرضوخ سنيّ أمام المباركة السعودية وبتسليم درزيّ بأفضل الممكن وبتخبّط مسيحيّ وحيرة من المشاركة العرجاء وعدم المشاركة الهوجاء.

ستبصر الحكومة النور، شارك من شارك واعتكف من اعتكف. وهي ستكون الحكومة المسؤولة عن التعيينات الإدارية والأمنية والقضائية لسنوات وسنوات مقبلة. وستحضّر هذه الحكومة لانتخابات بلدية بعد شهرين ونصف الشهر من الآن، ولانتخابات نيابية بعد أقل من سنة وثلاثة أشهر وفق ما ورد في "نداء الوطن".

يراهن من يدعمون رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام على نجاحه متسلّحين بحسن النوايا وبتجربة الرجل الناجحة في القضاء. ويحكم من يعارضونه على ترحيب الثنائي الشيعي بطريقة تشكيله الحكومة، ويعتبرون أنه بمجرّد اندماجه مع الخليلَين، سيخرج الرجل صفر اليدَين.

ينطلق الفريقان من خلفيتهما ومن تجربتهما، لكنّهما لا يفصلان بين عقلية سلام الغربية والعقلية اللبنانية في إدارة الحكم وفي تأليف الحكومات. وإذا كان البعض يخاف من الثلث المعطّل، فأنا وبحسب معلومات أكيدة، أبشّره بأن في الحكومة أكثر من ثلث معطّل بعدد الوزراء وبالانتماء السياسي. لا بل أكثر من ذلك، فإن أي سيناريو لتشكيل حكومة وفق معايير الأحزاب الممثلة في مجلس النواب يفرض ثلثاً معطّلاً. وفي عملية حسابية بسيطة، نجد أن تفادي الثلث المعطّل يكون بتفادي حكومة حزبيين أو مطروحين من الأحزاب، وهذا ما لم يحصل في حكومة سلام العتيدة. فإذا كان الفريق الشيعي سيتمثّل بخمسة وزراء: أربعة يُختارون من الضاحية الجنوبية لبيروت ومن عين التينة، والخامس يكون على صورة الوزير السابق عدنان السيّد حسين وزيراً ملَكاً ولا يقف إلى جانب الثنائي الشيعي في التصويت إلّا إذا شعر بتهميش للدور الشيعي أو بضربٍ لفكرة المقاومة أو إذا كُلّف شرعاً، إضافة إلى وزيرين لـ "التيار الوطنيّ الحرّ" ووزير لحزب الطاشناق وآخر لتيار المردة، فسيشكّلون ثلثاً معطّلاً. إذاً، الثلث موجود ولا يمكن تفاديه بحكم الواقع السياسي والتحالفات القائمة، وتكريس وزارة المالية وبموافقة سلام للثنائي الشيعي.

قبل الوصول إلى معركة البيان الوزاري، نُميَ إلينا من مقرّبين من سلام وهم على كثرتهم يتنافسون بنقل ما يعرفون وما لا يعرفون، بأن رئيس الحكومة المكلّف اتّفق مع الخليلَين على استبدال عبارة جيش – شعب – مقاومة بعبارة ثانية تُعطي المعنى نفسه ولا تزعج بيئة المقاومين. ويعتبر بعض المتابعين والمطّلعين على مجريات الأمور أن سلام يراهن على الدعم الدولي ويقولون: إن سلام يعطي الثنائي ما يطمئنهم ثمناً لتسليم سلاح الحزب. وتبدو العبارة مُغرية. وإذا كانت صحيحة، فقد تضع سلام في مرتبة متقدمة سنياً ووطنياً حتى على الشهيد رفيق الحريري! أما إذا كانت مناورة أخرى من مناورات الخليلَين فيكون سلام قد بتَر ساق العهد الأولى وبات عهد الرئيس جوزاف عون يسير على خطى سلفه.

أما الأحزاب السيادية غير المقتنعة بخطوات سلام، فهي أمام خيار كبير من اثنين. إما أن تشارك راضية بثلث معطّل مقنّع وبحقيبة مالية بيد الثنائي الشيعيّ. وإما تُعارض وتخرج من الحكومة قبل إعلان التأليف وهي بخروجها تكون قد سدّدت ضربة قوية لعهد انتخبته ومعنية بإنجاحه.

إن الجميع في موقف لا يُحسد عليه. حتى الثنائيّ الشيعي ليس مرتاحاً. فهو لن يستطيع استعمال التوقيع الثالث إلّا إذا كُسرت الجرّة مع الخارج قبل الداخل، وهو يعلم أن كسر الجرة مع الخارج قد يؤدي إلى نهايته سياسياً على شاكلة حليفه السابق الرئيس السوري الهارب بشار الأسد. من هنا، قد يتخلّى عن سلاحه مقابل وهمٍ سلطويّ. وقد يُناور ويتعرض لضغط داخليّ وخارجيّ ويخسر على الصعيدين العسكريّ والسياسي.

إن المرحلة صعبة، وتتطلب خيارات واضحة بعيدة من المصلحة الخاصة، وقد يكون الحكم جوزاف عون ضامناً للجميع في سبيل الوصول إلى دولة على صورة خطاب القسم بحسب "نداء الوطن".

يقرأون الآن