يوم نُفّذت آخر عقوبة إعدام في لبنان عام 2004، صدرت سلسلة احتجاجات محلية وخارجية، من عدد من جمعيات حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي. كان ذلك على عهد الرئيس إميل لحود.
عامها، نُفذت الأحكام في فناء سجن رومية بحق ثلاثة لبنانيين بعد توقف عن تنفيذ الإعدام لفترة ست سنوات. هكذا، في كل مرة تُطرح فيها عقوبة الإعدام على طاولة البحث، تتفاوت الآراء بين مؤيّد ورافض. والسؤال، ما دامت العقوبة موجودة وتصدر بها أحكام لا تُنفذ، فما الذي يمنع تنفيذها؟ وفق ما ورد في "النهار".
لا شك في أن جملة عوامل تتداخل في هذه المسألة الشائكة.
قانوناً، لقد أخذ قانون العقوبات اللبناني الصادر عام 1943 بإنزال عقوبة الإعدام في "القتل العمد".
سياسياً، لا يُنفذ الحكم بالإعدام إلا بعد موافقة رئيس الجمهورية، وبموجب مرسوم يحدد مكان التنفيذ ووسيلته.
أما دينياً واجتماعياً، فغالبية الأطراف ترفض تنفيذ هذه العقوبة. في المنطق الديني، ثمة رفض لإنهاء حياة الآخر، واجتماعياً، تدين كل الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان تنفيذ الإعدام، وتعتبر أن التشدد في العقوبة يُعدّ عاملاً أقسى على المجرم من إنهاء حياته بلحظة.
ينطلق رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب ميشال موسى من التركيز على ضرورة "التوعية المجتمعية"، يقول لـ"النهار": "الأهم في هذه المسألة أن تتكاتف كل القوى المجتمعية حول التثقيف من خطورة العنف وجرائم القتل المتزايدة. كل الذي يحصل يعطي مؤشراً على ضرورة التوعية".
ويعترف بأن "الإعدام هو عقوبة متنازع عليها عالمياً لا فقط في لبنان".
اللافت أخيراً تزايد جرائم القتل، تارة بداعي السرقة، وطوراً بسبب إشكالات تبدو بسيطة، لكن أسبابها مخيفة، فإما أن يكون القاتل يتعاطى المخدرات، وإما أنه ذو "سمعة سابقة غير مشرّفة". هذا التزايد أثار موجة قلق وخوف من تفلت أمني وسلّط الضوء مجدداً على الإعدام، ولا سيما مع مطالبة أهل الضحايا بتنفيذه.
يجيب موسى: "أعتقد أن التسوية "اللبنانية" كانت بإبقاء العقوبة في النص القانوني، دون تنفيذها. في الأساس، تنفيذها ليس بالأمر السهل. هكذا، لا نزال بين عدم الإلغاء وعدم التنفيذ".
ربما لا يزال بعض اللبنانيين يذكرون الجريمة التي ذهبت ضحيّتها الشابة ميريام الأشقر عام 2011، التي قُتلت في ساحل علما.
آنذاك، اعتُبرت الجريمة من الجرائم الاستثنائية، والمفارقة كانت في السرعة التي أصدر فيها قاضي التحقيق في جبل لبنان زياد مكنا قراره الظني بعد 17 يوماً على جريمة القتل. عامها، قرّر القاضي، اعتبار أفعال المدعى عليه جرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام. لكن العقوبة لم تُنفذ.
ولم تكن قضية الأشقر الوحيدة، إذ سبق أن صدرت أحكام قضائية عدة بالإعدام، مثل حادثة اغتصاب تعرّضت لها فتاة قاصر في بلدة جنوبية على يد عامل سوري، وجريمة أخرى عام 2005 حين قُتلت شابة جامعية في منطقة صور. كلها جرائم صدرت في حقها عقوبة الإعدام، لكنها بقيت خارج التنفيذ بحسب "النهار".