سوريا

هؤلاء قتلوا المستشار الإيراني وعناصر حزب الله

هؤلاء قتلوا المستشار الإيراني وعناصر حزب الله

نشرت صحيفة "ميدل ايست أي"، تفاصيل مثيرة عن كيفية سقوط نظام بشار الأسد في سوريا بشكل سريع، حيث قدمت الصحيفة إجابات نقلتها عن قادة في فصائل عراقية وايرانية وضباط في الجيش السوري، عن الأسئلة الملحة التي كانت تدور في الاذهان حول أسباب عدم مشاركة ايران او الفصائل العراقية بمنع سقوط الأسد هذه المرة.

وبحسب الصحيفة، فإن الهجوم المفاجئ الذي شنه المسلحون أدى لمقتل عدد كبير من الجنود في ريف حلف، ليقوم ضابط الحرس الجمهوري السوري الصفطلي الذي ادرك ان الامر ليس مناوشة، بطلب الدعم والتوجه لحلفاء الحكومة السورية، ودعا القادة إلى اجتماع عاجل عند الساعة السادسة صباحاً في غرفة العمليات العسكرية الشمالية في نادي الضباط في حي الفرقان وسط حلب.

وقد جمع الاجتماع العميد بورهاشمي، المستشار العسكري الأعلى لإيران في سوريا، وقائدين من حزب الله اللبناني، وضباط من فروع أمنية مختلفة، واشتكى الضباط السوريون من أن قواتهم منهكة، ومسلحة بشكل سيئ وغير مستعدة، لكن هاشمي بدأ يشكك في ولائهم للأسد وقدرتهم على السيطرة على جنودهم، ما دفع النقاش بين الجانبين ليصبح ساخنا للغاية، وفجأة، انتزع أحد الضباط السوريين بندقية هجومية من طراز AKM من أحد الحراس وأمطر بورهاشمي بوابل من الرصاص، بحسب ما قاله القائد السوري لموقع ميدل إيست آي.

وتشير الصحيفة ان "هذه الرواية اكدها اثنان من قادة الفصائل المسلحة العراقية التي كانت تعمل في سوريا آنذاك"، مشيرة الى إنه "قبل أن يتمكن رجال صفتلي من الاستيلاء على البندقية من الضابط، قُتل بورهاشمي وأصيب أحد قادة حزب الله.

ونعى الحرس الثوري بورهاشمي في بيان مقتضب وقال فقط إنه قتل "في هجوم شنته مرتزقة التكفيريين الإرهابيين" في حلب، فيما قال القائد السوري "لقد كان الأمر صادما، القاتل كان ضابطا في الجيش السوري، كان أحد ضباط الأسد، وليس أحد معارضيه"، مبينا انه "كانت تلك اللحظة بمثابة البداية الحقيقية لانهيار القوات السورية، فقد ضربت الخيانة عميقاً في صفوف قادة الجيش السوري".

وتصف الصحيفة الرصاصات التي أصابت صدر بورهاشمي في ذلك اليوم "أطلقت تأثير الدومينو الذي لم يتمكن الأسد ولا حلفاؤه من إيقافه"، مشيرة الى ان "مقتل بورهاشمي على يد ضابط سوري أدى إلى زعزعة استقرار الجيش في حلب وشجع العشرات من الضباط وجنودهم على العصيان ورفض القتال، مما أدى إلى انهيار الدفاعات غربي المدينة".

وكان الأمر الأكثر إثارة للصدمة هو التمرد داخل لواء الباقر، وهي جماعة شبه عسكرية كبيرة وقوية تم تسليحها وتدريبها وتمويلها من قبل الحرس الثوري الإيراني منذ عام 2012. وقالت المصادر الثلاثة إن انقلاب قادتها ومقاتليها ضد رعاتهم وحتى فتح النار عليهم يمثل "ضربة مؤلمة أخرى" للإيرانيين في سوريا في غضون ساعات قليلة.

وقال القائد السوري إن "رفضهم القتال ربما كان مفهوما، لكن انقلابهم ضدنا وإطلاق النار على مقاتلينا لم يكن مفهوما، وهناك عشرات الضحايا والجرحى الذين تم اجلاؤهم كانوا مصابين بجروح في منطقة الظهر".

كما أخبر مصدر شبه عسكري أيمن التميمي، وهو باحث وخبير في الحرب السورية، أن مستشارين إيرانيين ولبنانيين وبعض الضباط السوريين "تمت تصفيتهم" على يد "ضباط خونة".

وقبل ثلاثة أيام من سقوط حماة، وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى دمشق للقاء الأسد، وكانت المهمة غير المعلنة تتمثل في إيصال العميد جواد غفاري القائد البارز في الحرس الثوري، ليقوم بقيادة العملية العسكرية في سوريا لصد المسلحين، وهذا الخبر أوقف تقدم المتمردين لمدة 24 ساعة.

وتوجه غفاري على الفور إلى حمص، وقال القادة إن حمص، ثالث أكبر مدينة في سوريا كانت مركزًا رئيسيًا للنقل يقع في قلب الطريق البري بين طهران والعراق وسوريا وبيروت، كما أنها كانت تربط معاقل الأسد الساحلية بدمشق، وإن خسارة حمص من شأنها أن تقطع طرق الإمداد البرية لحزب الله، وتكسر ظهر النفوذ الإيراني في سوريا.

وبدأ غفاري في العمل، فأقام حواجز ترابية على مشارف حمص الشمالية، وأعاد نشر القوات تحسبا للمواجهة التي بدت حتمية، واقترح أيضاً على القيادة السورية والحرس الثوري الإيراني إرسال تعزيزات إلى حمص، بما في ذلك مقاتلون من حزب الله ومقاتلون من الفصائل العراقية.

كان الجيش السوري لا يزال يعاني من نزيف المنشقين، وكان غفاري يعتقد أن تدفق الحلفاء من الخارج من شأنه أن يساعد في تعزيز الروح المعنوية، وكان يحتاج إلى القوات الروسية المتمركزة في حميميم وطرطوس للسماح للطائرات الإيرانية بتسليمهم أولاً.

وبعد أيام قليلة من توصل حزب الله إلى وقف لإطلاق النار مع إسرائيل بعد أكثر من عام من الصراع العنيف، رد بإرسال 2000 مقاتل إلى حمص، وبحسب القائد السوري فإن أغلبهم من مقاتلي قوات الرضا الذين كانوا متمركزين في القصير وريف دمشق، أما البقية فهم من لواء جند الإمام المهدي الذين انسحبوا من حلب وبلدتي نبل والزهراء الشيعيتين القريبتين.

ورغم أن كلتا الوحدتين كانتا جزءاً من حزب الله وتحت قيادة قادة لبنانيين، فإن مقاتليهما كانوا سوريين، لكن الفصائل العراقية كانت اقل حماسا للقتال لصالح الأسد، حيث شعروا بان دعم الأسد في هذه المرحلة سيكون مكلفا للغاية وقد يعرض كل ما كسبوه في العراق منذ 2003 للخطر، لذلك رفضوا بالاجماع طلب ضباط الحرس الثوري الغفاري بدعم العمليات في سوريا.

ومع وصول المتمردين إلى بلدتي تلبيسة والرستن، كان غفاري واثقاً من أنه عالج كل الثغرات المحتملة، وأن قواته التي نشرها "جنباً إلى جنب" مع القوات السورية النظامية لن تخذلنا، وهنا بدأ الجنود السوريون المتمركزون في الخطوط الخلفية فجأة بإطلاق النار على مقاتلي حزب الله أمامهم، ما أدى إلى مقتل ثمانية منهم وإصابة العشرات، في تلك اللحظة أدرك الإيرانيون أن الجيش السوري انقلب عليهم وأنهم فقدوا دعم الشعب السوري إلى الأبد"، بحسبما قال قائد عراقي.

وأضاف: "كانت لحظة محورية تطلبت قرارًا كبيرًا وجريئًا. لم يعد القتال ممكنًا وسط قوى لم تعد تعرف من معها ومن ضدها، لذلك امر غفاري كل القوات التابعة له بالانسحاب الفوري من حمص وكل أنحاء سوريا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وانسحب هو والمقاتلون الأفغان من لواء فاطميون إلى مطار اللاذقية، وبقوا هناك حتى سمحت روسيا بعد أيام قليلة لأربع طائرات إيرانية بإجلائهم، كما ان 94 مقاتلا عراقيا من كتائب حزب الله والنجباء كانوا بين القوات التي تم اجلاؤها ذلك اليوم من قاعدة حميميم.

وانسحب حزب الله إلى القصير، فيما انسحب مقاتلو الفصائل السورية المحلية إلى منطقة السيدة زينب جنوب دمشق، وفر بعضهم لاحقاً عبر الحدود اللبنانية إلى بيروت، أما العراقيون في دمشق، فبعضهم غادروا إلى بغداد، فيما توجه آخرون ممن عاشوا في سوريا لسنوات مع عائلاتهم إلى لبنان أيضاً.

انسحب مقاتلو كتائب حزب الله وحركة حزب الله النجباء المتمركزين في البوكمال ودير الزور شرقي سوريا إلى الجانب الآخر من الحدود العراقية، وغادرت قوات لواء فاطميون من هناك أيضًا، متجهة إلى طهران وأفغانستان عبر بغداد، وقال مسؤولون أمنيون عراقيون لموقع "ميدل إيست آي" إن 17 حافلة، كل منها تحمل ما بين 40 إلى 50 مقاتلاً من لواء فاطميون، تركت كل شيء خلفها وفرت من سوريا عبر الحدود.

وقال قائد عراقي لـ"ميدل إيست آي": "للأسف، ما حدث في تلك الأيام أظهر بوضوح صحة ما كنا نقوله، وهو أن القادة داخل الدائرة الداخلية المحيطة بالأسد كانوا خونة".

وأشار إلى أن قادة من حزب الله وإيران قُتلوا على يد إسرائيل بعد دقائق من مغادرتهم مطار دمشق قبل أكثر من عام، وأن الفصائل العراقية حذرت الإيرانيين مراراً وتكراراً من تعرضهم للخيانة من قبل ضباط سوريين، معتبرا ان "سقوط النظام السوري كان نتيجة حتمية لغطرسة الأسد وتخليه عن حلفائه القدامى، وقد جاءت خيارات الأسد في السنوات القليلة الماضية بنتائج عكسية عليه، ونحن لا نأسف على سقوط نظام الأسد، فهو ليس خسارة، الخسارة الحقيقية هي الممر البري الذي ضحينا من أجله بالكثير خلال السنوات الماضية".

يقرأون الآن