اثارت في الآونة الأخيرة، الأنباء حول زيارة محتملة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى بغداد لحضور القمة العربية المقبلة، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية العراقية.
وتباينت المواقف بين الترحيب والتحفظ، مما يعكس تعقيدات المشهد السياسي الإقليمي وتأثيره على العلاقات الثنائية بين العراق وسوريا.
موقف الحكومة العراقية
وأعلن وزير الخارجية فؤاد حسين، عن نية العراق "توجيه دعوة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية المقرر عقدها في بغداد في ايار المقبل".
وأكد حسين أن "العراق ليس لديه أي تحفظات على التعامل مع القيادة السورية الجديدة".
ويأتي هذا الموقف في إطار سعي العراق لتعزيز العلاقات مع جيرانه ودعم الاستقرار الإقليمي.
ردود الفعل الداخلية
وعلى الرغم من الموقف الرسمي، ظهرت بعض التحفظات داخل الأوساط السياسية العراقية.
صرح رئيس البرلمان محمود المشهداني، بأنه "لا يرغب في قدوم الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع إلى بغداد حتى لا يثير غضب أحد".
هذا التصريح يعكس الحساسيات الداخلية والتوازنات التي يسعى العراق للحفاظ عليها في علاقاته الإقليمية.
موقف الإطار التنسيقي
ونفى النائب عن ائتلاف دولة القانون داخل راضي، "وجود أي اعتراض من قبل الإطار التنسيقي على دعوة الشرع لحضور القمة".
وأكد راضي "توجيه دعوة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع لحضور قمة بغداد".
هذا النفي يشير إلى وجود توافق نسبي داخل بعض الكتل السياسية بشأن دعوة القيادة السورية للمشاركة في القمة.
التحفظات الخارجية
من جهة أخرى، دعا السفير السوري السابق لدى بغداد، نواف الفارس، الرئيس أحمد الشرع إلى إعادة النظر في "نية الذهاب إلى بغداد" لحضور القمة العربية.
وأشار الفارس إلى أن "بعض المحافل ليست مجرد مناسبات دبلوماسية، بل ساحات تختزن دروسًا لا ينبغي نسيانها".
هذا الموقف يعكس تخوفات من تداعيات محتملة على العلاقات السورية العراقية أو على المستوى الإقليمي.
وعلق عضو لجنة العلاقات الخارجية حيدر السلامي، اليوم الاثنين، على تأخر إقامة علاقات دولية من الحكومة السورية الجديدة.
وقال السلامي في تصريح للسومرية نيوز، إن "الحكومة العراقية اتخذت سياسة التقبل التدريجي في بداية العلاقات مع الحكومة السورية"، لافتا الى ان " الهواجس الامنية من سوريا لا تزال موجودة باعتبار ان القائمين عليها متورطين بعلميات إرهابية داخل البلد".
وتابع، ان "العراق يبحث عن الاستقرار الامني مع سوريا باعتبارها دولة جارة"، مشيرا الى ان "الحكومة السورية بدأت تأخذ مقبولية من المجتمع الدولي".
وأردف: "التواصل الحالي وصل الى مستوى وزراء خارجية الطرفين، بعد ما كان على مستوى القيادات الأمنية فقط"، مستدركا بالقول: " الدعوة من وزير الخارجية العراقي لوزير الخارجية السوري بروتوكول طبيعي لان القمة العربية على الأبواب".
وختم السلامي حديثه: "لا نستطيع ان نؤكد مجيء الشرع الى العراق لما فيه من هواجس امنية عديدة"، مؤكدا انه " نتوقع حدوث خرق أمنى بقدوم احمد الشرع، وهذا ما سيبقي الموضوع خاص بجدية الحكومة لدعوته".
التحديات القانونية والدبلوماسية
وتواجه مشاركة الرئيس السوري في القمة العربية تحديات قانونية ودبلوماسية.
فبعد التغيير السياسي في سوريا وتولي أحمد الشرع الرئاسة، لم يتم بعد حسم مسألة الاعتراف الدولي والإقليمي بالحكومة الجديدة.
وهذا الوضع يضع العراق في موقف حساس، حيث يسعى للتوازن بين تعزيز علاقاته مع سوريا والحفاظ على توافقه مع المواقف العربية والدولية.
وتظل مسألة زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى بغداد موضوعًا معقدًا يتداخل فيه السياسي بالقانوني والدبلوماسي. بينما تسعى الحكومة العراقية لتعزيز علاقاتها مع سوريا ودعم الاستقرار الإقليمي، تواجه تحديات داخلية وخارجية تتطلب توازنًا دقيقًا في صنع القرار. ستكون الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد مسار هذه الزيارة وتأثيرها على العلاقات الثنائية وعلى المشهد السياسي في المنطقة.