وضع زيلينسكى نفسَه أمام العالَم بين توصيفين: إما أن يكون متواطئاً بالكامل فى خطة الزجّ ببلاده فى محاولة الإيقاع بروسيا فى مواجهة عسكرية تستنزفها، دون اكتراث بالخطر الرهيب الذى يلحق ببلاده من جراء هذا، وإما أن يكون من السذاجة إلى حد تصديق إمكان أن ينتصر على روسيا، ودون إدراك أخطار توريط بلاده فى هذه الحرب! أضِف أيضاً، أنه، وبعد أن حَلَّت الكوارث المباشرة ببلاده فى الحرب، يظن أنه يمكنه أن يخدع الولايات المتحدة الأمريكية ليحقق مكاسب، ليس هناك ما يضمن أن تكون بلاده هى المستفيدة منها! ففى آخر مآزقه الدائرة الآن مع إدارة ترامب، تبين أنه هو صاحب فكرة استثمار ثروة بلاده من المعادن النادرة مع أمريكا، بأن تدخل بنصف إنتاجها فى شراكة استثمارية مع أمريكا، وأنه طرح مشروعه على إدارة بايدن فى سبتمبر الماضى، أى قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الأمريكية، وكان أمر استبعاد بايدن من الترشح قد حُسِمَ.
أى أن زيلينسكى، بفرض حُسْن نيته، كان يُخَطِّط لتوريط الرئيس القادم لأمريكا فى تنفيذ الفكرة بفرض أن تكون حصلت على موافقة من الإدارة والكونجرس فى هذه الأسابيع القليلة، وهو احتمال مستحيل بالطبع! ولكن، جاء ترامب إلى البيت الأبيض، ووجد الفكرة الخام أمامه، فالتقطها واعتصرها ودفع بها فى اتجاه آخر، بأن يحصل، بقوة أمريكا، على ثروة أوكرانيا دون مقابل! باختراع جديد طرحه ترامب بأن يكون هذا لتسوية ما دفعته أمريكا فى دعمها لأوكرانيا فى الحرب، وكان تقديره أن الدعم وصل إلى 350 مليار دولار، ثم رفع التقدير إلى 500 مليار دولار!!
وهنا أخذ زيلينسكى يصرخ بأن الدعم كان منحة لا تُلزِم أوكرانيا بسدادها، ثم إن قيمتها نحو 10 بالمائة فقط مما يطرحه ترامب، ثم إن حصول أمريكا على نصف إنتاج أوكرانيا يعنى أن يستمر السداد لعشرة أجيال، وقال إنه لا يقبل هذا!! أما بعض حلفائه من أصدقاء أمريكا التاريخيين، فينصحونه بألا يدخل فى معركة يَردّ فيها على الإساءات الشخصية البالغة من ترامب، وأن يُبدِى مرونة مع اقتراح ترامب! أما مساعدو ترامب فيُبَشِّرون بقرب إنهاء الخلاف.
بوابة الأهرام