اتخذ اجتماع مجلس الامن المركزي أمس في "الداخلية"، أحجاما مضاعفة لمصادفته مع تحذيرات دولية كثيرة من انهيار الوضع الأمني في لبنان. فالقلق من انفجار التعقيدات السياسية والمأساة المعيشية، على شكلِ "فوضى" في الشارع، كبيرٌ لدى عواصم القرار، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، حيث تتوالى التنبيهات من جهة والدعواتُ الى الاسراع في انجاز الاستحقاقات الدستورية وأوّلها انتخابات رئاسة الجمهورية، تحصينا للأمن والاستقرار، من جهة ثانية.
أبرز هذه التحذيرات كان مصدره واشنطن. فقد حذرت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، من أن لبنان مفتوح أمام كل السيناريوهات، بما فيها "تفكك كامل للدولة"، وقالت إن اللبنانيين سيضطرّون على الأرجح إلى تحمّل مزيد من الألم قبل تشكيل حكومة جديدة. وفي لقاء نظّمه "مركز ويلسون" عن السياسة الأميركية في لبنان، الجمعة الماضي، وأداره السفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد هيل، قالت ليف: أرى سيناريوهات عدة، التفكك هو الأسوأ بينها... قد تفقد قوى الأمن والجيش السيطرة وتكون هناك هجرة جماعية، هناك العديد من السيناريوهات الكارثية. وفي الوقت نفسه أتخيل أن البرلمانيين أنفسهم سيحزمون حقائبهم ويسافرون إلى أوروبا، حيث ممتلكاتهم. وأشارت إلى أن "ليس عمل الدبلوماسيين الأجانب الذهاب إلى مجلس النواب والضغط على النواب لانتخاب رئيس. أعتقد أنه يجب أن تسوء الأمور أكثر، قبل أن يصبح هناك ضغط شعبي يشعر به النواب. نحن نضغط على القادة السياسيين ليقوموا بعملهم ولكن لا شيء يؤثر مثل الضغط الشعبي، وعاجلاً أم آجلاً، سيتحرك ذلك من جديد".
هذه المعطيات الخطيرة، وُضع أهل الحكم في صورتها. وانطلاقا منها، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري الاثنين ان"لبنان قد يستطيع ان يتحمل أسابيع لكنه لا يستطيع ان يتحمل أكثر من ذلك ولا يمكن ان يتحمل لبنان واللبنانيون المزيد من التدهور".
حتى الساعة، الامور لا تزال مضبوطة، تتابع المصادر، وهذا ما أكد عليه وزير الداخلية بسام مولوي أمس حيث وصف الوضع الامني في لبنان بـ"المقبول جدا"، مشددا على "استمرار التدابير الامنية في ظل الظروف الصعبة للقوى الأمنية ولعدم وجود الكهرباء للقيام بواجباتنا". وقال ردا على سؤال "ان حكومة تصريف الاعمال تقوم بكل الاعمال التي يمليها عليها ضميرنا وواجبنا ومسؤولياتنا لحماية المواطنين وتكريس السلم في البلد". غير انه ناشد المسؤولين والمواطنين ابقاء الجدل السياسي مضبوطا لتعزيز الاستقرار.
لكن وفق المصادر، استمرارُ الوضع السياسي على حاله من التعثر والتشنج والاشتباك الطائفي وغير الطائفي، ومواصلةُ الدوران في الحلقة المفرغة اقتصاديا وماليا حيث لا اصلاحات ولا اتفاق مع صندوق النقد بما يفاقم الواقعَ المعيشي وقد تخطى سعر البنزين وصرف الدولار كل السقوف اليوم.. هذه "الخلطة" ستقود حتما نحو السيناريو الأسوأ على الارض. واذ تشير الى ان الحركة السياسية اليوم في سباق غير متكافئ مع الوقت والانهيار الآتي، تقول المصادر: صحيح ان الاستقرار اللبناني اولوية دولية يتمسّك بها بقوة، غير ان ذلك لا يعني ان العالم سيهبّ الى نجدة بيروت سريعا هذه المرة، بما انه منشغل بأزمات كثيرة. وهذا يعني ان الفوضى العارمة ستسيطر على لبنان لفترة زمنية لا أحد يعرف مدّتها، وهو وناسه سيتركان لقدرهما، اذا لم يسرع المسؤولون الى التصرف والى رفع جدران الحماية السياسية والاقتصادية، حول الهيكل اللبناني المتصدّع.
لارا يزبك - المركزية