يفاجئ رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط متابعيه، فهو ميّال منذ أحداث 7 أيار 2008 إلى التسويات مع الفريق الأقوى داخلياً، أي «حزب الله»، لكن ما يفعله في الإستحقاق الرئاسي يدلّ على ثبات في الموقف من خلال تبنّي ترشيح رئيس حركة «الإستقلال» النائب ميشال معوّض.
يُروّج «التيار الوطني الحرّ» في حربه على ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية أن الأخير هو مرشّح «الترويكا المنقرضة» أو مرشّح النظام الذي نشأ بعد اتفاق «الطائف»، وكان عماده الثلاثي المكوّن من الرئيس رفيق الحريري والرئيس نبيه برّي وجنبلاط، لذلك لن يسير باسيل بترشيح فرنجية.
ويحاول جنبلاط أن يحجز مقعداً له في دائرة التأثير، وهو الذي يعلم أن صديقه برّي ما زال قوياً لكن دخول عناصر جديدة على الساحة السياسية بعد الـ2005 بدّل قواعد اللعبة، لذلك فإنّ رهانه على إبقاء الصراع الكبير قائماً ليلعب لعبة «بيضة القبّان».
إختار جنبلاط عام 2014 الذهاب إلى خيار ثالث بعدما أقدم رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع على الترشح للرئاسة بوجه رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» آنذاك العماد ميشال عون، ودعم ترشيح النائب في «اللقاء الديموقراطي» هنري حلو، لكن بعدما أبرم الرئيس سعد الحريري التسوية الشهيرة مع فرنجية سار جنبلاط بالتسوية بعدما باركها الرئيس بري، لكن التوازنات المسيحية ودعم «حزب الله» لعون عطّلا مفاعيل إنتخاب فرنجية.
يتصرّف جنبلاط في هذا الوقت مثل جميع الكتل الكبرى، فكل فريق بحسب "نداء الوطن" يرغب بإيصال مرشحه لكنه يقول إنه منفتح على التسويات، وفي السياق فإن دعم جنبلاط لترشيح معوّض مستمرّ حتى إشعار آخر وهذا ظهر خلال الجلسة الإنتخابية الأخيرة. ومن الناحية الجنبلاطية، فإن ترشيح معوّض رفع من مستوى الإستحقاق الرئاسي، فلأول مرّة منذ العام 2007 يكون للفريق السيادي مرشّح ينزل به إلى جلسة الإنتخاب حتى لو لم يكن قادراً على تأمين الثلثين أو النصف زائداً واحداً.
لا تريد المختارة أن يُفقد التوازن الداخلي في البلاد، فاصطفافها إلى جانب محور «الممانعة» يعني حسم المعارك النيابية والتشريعية والسياسية، ولكن في المقابل سيضع لبنان في مواجهة المجتمعين العربي والدولي مثلما حصل مع عهد عون، لذلك فإن جنبلاط الذي يدعو إلى التسوية دائماً ما زال يعارض إنتخاب رئيس لا ينال رضى الدول العربية والمجتمع الدولي.
لا توجد مشكلة شخصية بين جنبلاط وفرنجية، فصدام ما بعد 2005 إنتهى بين الرجلين، لكن عدا عن عدم وجود رضى عربي حتى الساعة على انتخاب فرنجية، فإن جنبلاط يرى أن فرنجية لا يملك حاضنة مسيحية سواء من «التيار الوطني الحر» أو «القوات اللبنانية»، لذلك لن يُقدم على خطوة تستفزّ المكوّن المسيحي وتؤثر سلباً على العلاقات الداخلية والوضعية في الجبل في هذا الوقت.
ويؤكد «الإشتراكي» تمسّكه بترشيح ميشال معوّض لعوامل عدّة أبرزها إنطلاقه من دعم مسيحي قوي، ورغبته بعدم مسايرة الواقع وعدم اعتباره شخصية تكمل عهد عون، وكذلك وجود علاقات عربية وغربية قوية للرجل تجعله قادراً على إصلاح ما أفسده العهد السابق وحلفاؤه، لذلك لا تغيير جذرياً في مواقف جنبلاط في القريب العاجل.
وإذا كان البعض يرى أن تمسّك جنبلاط بمعوّض هو مناورة ورفع سقف المطالب للتفاوض لحظة تحين الساعة، إلا ان أجواء «الإشتراكي» مغايرة تماماً، وتشدّد على أن المعركة الرئاسية هي محطة لإعادة لبنان إلى حضنه العربي والغربي والبدء بتنفيذ الإصلاحات، لذلك لن يكون هناك انتخاب لفرنجية أو أي اسم آخر من حلفاء «حزب الله» لأن الوضع اللبناني لا يسمح بذلك.
نداء الوطن