سريعاً، تبددت الآمال المعقودة على نواب «17 تشرين» والتغيير المرتجى، لتكرّس الجولة الرئاسيّة السابعة تموضعاً جديداً لما عرف يوماً بـ»نواب التغيير» أو «تكتل الـ13». وذلك بُعَيد الإعتراض الواضح الذي سجله النائبان وضاح الصادق وميشال الدويهي على أداء «التكتل» العاجز عن الإتفاق على مرشحٍ رئاسيٍّ مشترك، قبل أن ينضم إلى قافلة المعترضين، كلّ من النواب: مارك ضو، نجاة عون صليبا، ياسين ياسين، الياس جرادي ورامي فنج، وذلك عشية إعلان المجلس الدستوري «إنتكاسة» جديدة لهم ببطلان نيابة الأخير.

وخلافاً للسياق العام الذي يُبرز وحدة التكتلات النيابية عند الإستحقاقات، فقد تعمّد هذا التكتل، وعند كل «إمتحان»، إبراز عدم تجانس مكوناته وتفاوت خياراتهم السياسيّة. وهذا ما ظهر خلال الجلسة النيابيّة الأولى لإنتخاب هيئة أعضاء المجلس، كذلك عند تكليف رئيسٍ لتشكيل الحكومة، حيث سُجّل امتناع النواب حليمة قعقور وسينتيا زرازير والياس جرادي عن تسمية السفير نواف سلام، مقابل تردُّد النائب إبراهيم منيمنة الذي عاد وانضم حينها إلى زملائه بتسمية سلام الذي حصد 10 أصوات من أصل 13. وهذا ما ساد لاحقاً خلال انتخاب اللجان في المجلس النيابي، مع إصرار البعض منهم على وجوب عدم مشاركة أحزاب السلطة في اللعبة البرلمانية أو نسج التحالفات الكفيلة بإيصالهم إلى عضوية اللجان أو رئاستها، وصولاً إلى المبادرة الرئاسيّة التي إرتدت بشكل دراماتيكي على وحدة «التكتل».

المبادرة التي أطلقها «تكتل الـ13» من أجل استقطاب النواب الآخرين إلى ملعبهم، والتوافق على اسم من الأسماء التي حملتها سلتهم الرئاسيّة التي ضمت زياد بارود، ناصيف حتي وصلاح حنين، نسفها أعضاء «التكتل» قبل الآخرين، فتوسّعت الهوة بينهم أسبوعاً بعد أسبوع. في أولى الجلسات الرئاسيّة، نال سليم إده (غير المرشح) 13 صوتاً، قبل أن يرسو خيارهم على الدكتور عصام خليفة الذي نال 5 أصوات فقط من أصل الـ13 خلال الجلسة الرئاسيّة السابعة، وسط غياب زرازير عن ساحة النجمة، وانضمام النائب أسامة سعد إلى هذه الجبهة أيضاً.

وهذا ما أدى إلى بروز نواة تكتل نيابي جديد من رحم «الـ13» يضم 5 نواب وهم: حليمة قعقور، إبراهيم منيمنة، سينتيا زرازير، فراس حمدان، ومعهم النائب الصيداوي أسامة سعد، ويحظى أيضاً بتأييد «ظاهري» من النائبين ملحم خلف وبولا يعقوبيان، ما قد يرفع عدد أعضائه إلى 7 نواب. في حين شكّل إنضمام النواب مارك ضو ونجاة عون صليبا بعد وضاح الصادق وياسين ياسين إلى تأييد النائب ميشال معوض، مؤشراً جديداً لخيارهم السياسي أو تحالفهم الجديد، الذي لن يكون بعيداً عن النائبين ميشال دويهي وشربل مسعد. في حين غرّد النائب الياس جرادي وحيداً، عبر التصويت للوزير السابق زياد بارود الذي كان أحد خيارات مبادرة «التغييريين».

وفي الغضون، تخطى إنضمام نائبيّ حزب «تقدّم» مارك ضو ونجاة عون صليبا إلى جبهة معوض الرئاسيّة، التصويت له فقط، حيث توضح وثيقة التفاهم بينهم أن التصويت له أتى بعد التوافق و»حركة الإستقلال» على العديد من النقاط التي تعدّ «خطوة متقدمة قابلة للتطوير... وتعالج جذور الازمة المتمادية بكافة ابعادها، وتسمح لانتفاضة «17 تشرين» بأن تستمر عبر طرح سياسي متماسك وناضج لتغيير جدي في لبنان»، وذلك بعد أن «تشاركا في تأسيس «جبهة المعارضة اللبنانية» التي ضمت مجموعات وأحزاباً من «17 تشرين» و»حركة الاستقلال» وحزب «الكتائب»؛ ليتم التشديد أيضاً، على أن «هذه الجبهة كانت المنصة الأساسية لتعميق التفاهم السياسي وتطوير نقاط التلاقي ما بين المنتفضين في 17 تشرين وبين المتمردين على المنظومة بعد الانهيار والانفجار».

ورسمت الوثيقة الصادرة عن «تقدّم» تموضعهم الجديد بـ»العمل سوية (مع «حركة الإستقلال») على تطوير «لقاء الثلثاء النيابي»، لرفع مستوى التنسيق السياسي والتشريعي، وليضم «التغييريين» و»المستقلين» والكتل الأقرب للطرح المقدم في هذا الاتفاق»، والذي يطال أيضاً المشاركة في كل مستجدات الإستحقاق الرئاسي، والإتفاق على تسمية رئيس الحكومة كما اتخاذ الموقف المشترك في كيفية التعامل مع الحكومة أكان لجهة المشاركة فيها ومنحها الثقة أو حجبها عنها.

إعادة استنهاض «جبهة المعارضة اللبنانية»وأمام هذا المشهد، تبرز إعادة استنهاض «جبهة المعارضة اللبنانية» التي انطلقت من ساحات «17 تشرين» وتضم نواب «الكتائب» و»حركة الإستقلال» و»تقدّم» و»مشروع وطن الإنسان»، ونواباً مستقلين من بينهم شربل مسعد، الذي شارك إلى جانب ملحم خلف والياس جرادي وآخرين في أولى حلقات «لقاء الثلثاء».

وتشير أوساط متابعة، إلى أنّ الإختلاف بين تكتل «الـ13» يعود إلى الخيارات السياسيّة المتضاربة منذ الإحتجاجات في ساحات «17 تشرين»، بحيث يعمد الجناح المقابل أي «اليساري» الذي يضم بشكل أساسي النواب إبراهيم منيمنة وحليمة قعقور وأسامة سعد، إلى التمسك برفع شعار «كلن يعني كلن»، ورفض التعاون أو التنسيق مع أيٍّ من الكتل النيابية الأخرى، وتقديم الحلول أو اتخاذ الخيارات الإصلاحيّة المطلوبة، لتؤكد الأوساط نفسها أن جبهة النواب: حليمة قعقور، إبراهيم منيمنة أسامة سعد، سينتيا زرازير، وفراس حمدان، ستستمرّ في «التغريد» بعيداً عن القوى السياسيّة في محاولة لكسب الإعتراض الشعبي على «أحزاب المنظومة الطائفيّة» في الإستحقاق الإنتخابي المقبل وهذا ما يصبّ أيضاً في مصلحة يعقوبيان وخلف الإنتخابيّة، ولو أدى ذلك إلى المزيد من التدهور في المؤسسات وتعطيل إنتظام عملها.

طوني كرم - نداء الوطن

يقرأون الآن