سوريا آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

ما أهم تفاصيل اتفاق تبادل الأسرى بين دمشق وقسد؟

ما أهم تفاصيل اتفاق تبادل الأسرى بين دمشق وقسد؟

شهد دوّار شيحان، قرب حي الأشرفية، بمدينة حلب، شمالي سوريا، الخميس، تجمّع عدد من الأهالي بصمت وترقّب، فيما اصطفت عربات تقلّ موقوفين بوجوه أنهكها الزمن والانتظار.

إنها اللحظة التي طال انتظارها: أولى مراحل تبادل الأسرى بين الحكومة الجديدة في دمشق، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تنفيذًا لاتفاق وصف بـ"التاريخي" جمع الطرفين على طاولة واحدة.

المقدم محمد عبد الغني، مدير مديرية الأمن الداخلي في حلب، تحدث للصحفيين مؤكدًا أن المرحلة الأولى شملت إطلاق سراح أكثر من 200 موقوف من الجانبين، في خطوة وصفها بـ"بداية لتبييض كامل للسجون".

وأوضح أن الاتفاق جرى بجهود سورية خالصة، بعيدًا عن أي تدخل خارجي، بمباركة من الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وقائد "قوات سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي.

بينما لم تُعلن "قسد" أو "الإدارة الذاتية" أي تفاصيل رسمية عن العملية، قالت مصادر محلية إن الحكومة السورية أفرجت عن قرابة 100 شخص ممن كانوا محتجزين لدى السلطات، على أن تُستكمل العملية على مراحل خلال الأيام المقبلة.

والعدد الإجمالي للموقوفين الذين سيتم تبادلهم يتجاوز 600 شخص، بحسب تصريحات رسمية.

المشهد لا يقتصر على تبادل الأسرى. ففي الخلفية، تُروى حكاية حيي الأشرفية والشيخ مقصود، اللذين سيطرت عليهما "قسد" بشكل كامل منذ عام 2015، واحتفظت بهما حتى بعد دخول "إدارة العمليات العسكرية" إلى معظم أحياء حلب في نهاية نوفمبر 2024.

منذ ذلك الحين، خيم التوتر على المناطق المحيطة بالحيين، وشهدت اشتباكات متقطعة وعمليات قنص موثقة من قبل الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي تحدثت عن مقتل 65 مدنيًا بينهم طفل وامرأتان خلال شهرين فقط.

ومع بداية أبريل، وُقّعت اتفاقية بين رئاسة الجمهورية والمجلس المدني لحيي الأشرفية والشيخ مقصود، ضمّت 14 بندًا، كان أبرزها انسحاب تدريجي لمقاتلي "قسد" من الحيين، وتسليم السلاح للأمن الداخلي، وتشكيل لجان تنسيقية وخدمية، إضافة إلى تبادل الأسرى.

الاتفاق، بحسب نائب محافظ حلب علي حنورة، يمثل تطبيقًا عمليًا لبنود الاتفاق الأشمل الموقع بين الشرع وعبدي في 10 مارس، والذي نص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لـ"قسد" ضمن هيكل الدولة السورية، في خطوة غير مسبوقة منذ بداية النزاع.

"حماية الخصوصيات"

البنود الأخرى في الاتفاق المحلي شملت تعيين إداري للحيين، وحماية الخصوصية الثقافية والاجتماعية لهما، ومنع المظاهر المسلحة، وفتح المعابر، ومنع الملاحقات القضائية بحق أشخاص لم تتلطخ أيديهم بالدماء، وتخصيص تمثيل عادل لسكان الحيين في المؤسسات المحلية.

مستشار الإدارة الذاتية، بدران جيا كرد، رحّب بالاتفاق واعتبره "خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار والتعايش المشترك".

وأكد في منشور عبر منصة "إكس" أن قوات الأمن الداخلي ستبقى في مواقعها ضمن آلية محددة بالتنسيق مع وزارة الداخلية السورية، محمّلًا الحكومة المركزية مسؤولية أي تهديد قد يواجه الحيين.

الاتفاقية، كما يؤكد عبد الغني، دخلت حيز التنفيذ مباشرة بعد توقيعها، ومن المرتقب أن تشهد الأيام المقبلة خطوات عملية متسارعة، تتضمن إطلاق دفعات إضافية من الأسرى، وإنهاء الوجود العسكري لقسد في مناطق الشيخ مقصود والأشرفية، وتفعيل الجانب الخدمي والإداري بالكامل.

ورغم أن طبيعة الاتفاق تحمل بعدًا سياسيًا وعسكريًا، فإنها من وجهة نظر مراقبين تمثل محاولة لكسر الجمود بين الطرفين وفتح قنوات عمل مشترك في واحدة من أعقد المناطق السورية من حيث السيطرة والتوازنات.

وتُشير المعلومات إلى أن بنود الاتفاق يمكن أن تُستخدم لاحقًا كنموذج لتفاهمات مماثلة في مناطق أخرى، خصوصًا في شمال شرقي سوريا، ضمن مسعى عام لإعادة هيكلة الإدارة والسلطة تحت مظلة الدولة السورية.

يقرأون الآن