تجاوز سعر صرف الدولار الاميركي في الساعات الاخيرة عتبة الـ41 الفا، ويبدو انه يشق طريقه نحو الخمسين الفا، على غرار الارتفاع المستمر منذ خريف العام 2019، دون وجود اي رادع متمثل بالاصلاحات واعادة وضع القطاعات المصرفية والمالية على السكة السليمة...
ويأتي التدهور الاضافي لليرة اللبنانية، على وقع فراغ رئاسي وشلل مؤسساتي حيث عقدت اليوم الجلسة الثامنة لانتخاب الرئيس بعد شهر على اقفال ابواب القصر الجمهوري، وكانت نسخة طبقة الاصل عن الاستخفاف بشؤون الوطن والدولة والبلاد والعباد.
وعن التدهور المستمر لليرة، رأى الخبير الاقتصادي نسيب غبريل، عبر وكالة "أخبار اليوم" ان ارتفاع سعر صرف الدولار هو نتيجة فقدان الثقة، خصوصا وان المعنيين اعطوا صورة ان لا جدية في تطبيق الاصلاحات البنيوية التي تؤدي الى بدء استعادة الثقة وبالتالي تدفق رؤوس الاموال في لبنان والى اتاحة السيولة في الاسواق.
وقال: ظهرت السوق الموازية لسعر صرف الدولار في ايلول العام 2019 نتيجة لشح السيولة بالعملات الاجنبية في الاقتصاد اللبناني، معتبرا ان لا ضوابط لهذه السوق غير الشفافة وغير المقوننة وغير الخاضعة للرقابة وبالتالي تخضغ للمضاربين المستفيدين من التغطيات السياسية، كما هناك طلب على العملات الصعبة من خارج الحدود يؤثر ايضا على سعر صرف الدولار. واضاف: طالما لا توجد سيولة كافية في الاقتصاد والثقة مفقودة، فان امكانية المضاربة بسعر الصرف ستستمر.
وعن تأثير البدء بتطبيق الدولار الجمركي بـ 15 الفا اليوم، قال: الاصح هو زيادة التعرفة الجمركية والهدف منها تغطية زيادة رواتب واجور ومخصصات موظفي وعمال القطاع العام. ولكن هناك عدة اجراءات يمكن للدولة اللجوء اليها تعزز الثقة وتؤكد ان هناك جدية في التعاطي مع موضوع تأمين الايرادات منها مكافحة التهرب الضريبي وتفعيل الجباية وفق التهرب الجمركي ومكافحة التهريب عبر الحدود بالاتجاهين.
وهنا لفت غبريل الى ان تراجع الايرادات ليس فقط بسبب الازمة الاقتصادية بل ايضا اضراب عمال القطاع العام، الامر الذي يضر بالموظفين قبل سواهم، اذ كلما تأخرت المعاملات كلما تأخرت دخول الايرادات الى الخزينة.
واذ اشار الى انه لا بدّ من دعم القدرة الشرائية للعمال والموظفين في القطاع العام، دعا غبريل الدولة الى البحث عن ايرادات لتغطية الرواتب والاجور في القطاع العام وليس فقط من الرسوم الجمركية، وذلك من خلال اجراء اصلاحات في القطاع العام، بدءا من الغاء آلاف الوظائف الوهمية، الامر الذي يظهر جدية في التعاطي ونية في الاصلاح، مع العلم ان هناك عشرات الهئيات والصناديق التي انتفى سبب وجودها، وكانت اللجان النيابية منذ اكثر من خمس سنوات قد طرحت دمجها او الغاءها، دون اتخاذ اي قرار في هذا الشأن، وبالتالي يجب اخذ هذه الاجراءات بالتوازي مع بدء تطبيق الدولار الجمركي، والا فان ما يحصل هو استسهال في التعاطي.
وردا على سؤال، ايد غبريل تعديل التعرفة الجمركية، اذ لا يجوز ان تدفع الشركات ضرائبها على 1500 ل.ل وتبيع السلع وفق اسعار اعلى من سعر صرف الدولار في السوق الموازية، ولكن في الوقت عينه يجب البحث عن مصادر اخرى لايرادات الخزينة.
عمر الراسي - أخبار اليوم