قبل أن تصل مساعدة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس إلى بيروت، بلَغَها أن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، اتفقوا على موقف واحد موحَّد سيُبلغونه إليها، حيال ما ستطرحه عليهم. الدبلوماسية الأميركية كانت أمام خيار من اثنين، إما أن تجتمع مع رئيس واحد، أو مع الثلاثة مجتمعين، طالما أن الموقف واحد، وإما أن تلتقي كل رئيس على حدة ولكن من دون مستشارين، فتتبلَّغ من كل رئيس ما يريد أن يقوله لها، وتُبلِغه، بعيداً من أَسماع المستشارين، ما تريد أن تقوله له، لأن "للمستشارين آذاناً".
أراحت مورغان أورتاغوس كل رئيس على حدة، وسهَّلت عليهم ما سيُدلون به، تماماً على طريقة الناخب الذي يدخل وراء العازل، فيمنح صوته لمَن يريد، بعيداً من أعين المتربصين، والجميع يعلم أن العازل هو "راحة نفسية" و"راحة ضمير"، لمَن يريد أن يدلي بصوته وفق قناعاته. هكذا منحت أورتاغوس هذا الترف وهذه الحماية لكل رئيس ليتحدث وفق ما يريد، ومن هنا جاءت الخلوات أطول من اللقاءات الموسّعة التي حضرها مستشارون.
ربما يكون هناك أمرٌ آخر أرادته أورتاغوس من وراء "دبلوماسية الخلوات"، وهو ما تريد أن تقوله هي، فما سيبلغه لبنان للموفدة الأميركية معروف، ويبقى ما ستُبلغه هي، وتريده أن يبقى تحت خانة "سريّ للغاية".
لكن هذا "السريّ" هل بقي سرّياً؟
تقول معلومات موثوقة إن الدبلوماسية الأميركية سمعت من الجانب اللبناني "تعهداً بحصر السلاح في يد الشرعية وسحبه من حزب الله". أما العقدة الأساس، ودائماً بحسب المعلومات الموثوقة، فتتمثّل في موعد البدء بسحب هذا السلاح، وهذا ما لم يُعطِ الجانب اللبناني أي موعد للبدء بذلك. وتختم المعلومات الموثوقة أن أورتاغوس أرفقت هدوءها بالحزم في تبليغ الرسالة، "لا سلاح مع حزب الله"، ولا عودة عن هذا المطلب، سحب السلاح، أياً تكن الظروف، والمطلوب تحديد برنامج زمني، ومن دون تحديد هذا البرنامج، تبقى الوعود "كلاماً معسولاً".
قالت أورتاغوس كلمتها ومشت، ويفترض بالمسؤولين اللبنانيين أن يكونوا قد استوعبوا كلامها، بعيداً من التلهي في ماذا كانت تضع حول عنقها؟ وماذا في الخاتم في أحد أصابعها؟
نداء الوطن