تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفقا لتصريحات متكررة من المسؤولين الأميركيين، الى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وهذا لا يمكن تحقيقه دون حصر السلاح بيد القوى الشرعية لكل دولة ومنها العراق، وتذويب كل المجموعات المسلحة في إطار الدول ذات السيادة، بحسب ما يراه مراقبون.
وتعقد إيران مع الولايات المتحدة جولات تفاوضية، جرى اخرها في العاصمة الايطالية روما اليوم السبت، ويعتقد ان ملف الفصائل العراقية بند رئيس من بنود المفاوضات.
تحييد الفصائل
وترسم إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لمستقبل الشرق الأوسط بوصول المنطقة إلى الأمن والسلام والاستقرار، وهذا لا يمكن له أن يتحقق دون وجود دول مستقلة ذات سيادة تحتكر العنف وتحصر امتلاك واستعمال السلاح والقوة بيد القوى الشرعية لكل دولة، وفق المحلل العسكري والاستراتيجي اللبناني، العميد الركن المتقاعد سعيد القزح.
وهذا يعني، بحسب القزح، "تحييد أية ميليشيات مسلحة أو تنظيمات خارج إطار الدولة، يدعي بعضها المقاومة والتحرير والدفاع عن البلاد، والتحييد يعني حل هذه المنظمات المسلحة كافة، وإيجاد الحلول لوضعها تحت إمرة القوى الشرعية لكل دولة ووفق ما تراه السلطات السياسية تبعاً للظروف الخاصة بها".
ويؤكد القزح، أن "سيادة الدول على أراضيها يقتضي أن لا يكون هناك أية قوة مسلحة خارج إطار الدولة بمفهومها الشامل، لذلك فإن اتجاه منطقة الشرق الأوسط إلى تذويب كل المجموعات المسلحة في إطار الدول ذات السيادة، ومن هذه الدول العراق".
ويرى، أن "العراق يسير بخطى ثابتة نحو أُحادية قرار استعمال القوة بيد الدولة العراقية، وذلك بإيجاد الإطار العملي والتنظيمي للفصائل العديدة المتواجدة على الأرض العراقية، لتلتزم جميعها بقرارات الدولة العراقية".
ويشير إلى أن "فتوى السيد السيستاني ودعوته لتوحيد السلاح بيد الدولة العراقية وقواها الشرعية، تأتي لتدفع نحو انتظام عمل المؤسسات الشرعية، وعدم استجلاب الخراب والدمار الذي حل بلبنان وغزة واليمن، وإبعاد العراق عن المخاطر المتأتية عن تفلت الأمن وانتشار السلاح بأيد المواطنين، وتعدد التنظيمات التي توالي دول أخرى".
مصير الحشد والفصائل
بدوره يؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية محمد الشمري لشفق نيوز، أن "الحشد الشعبي والفصائل المسلحة العراقية يشكلان هاجساً لدى الولايات المتحدة الأميركية، رغم أن الحشد مؤسسة قانونية منضوية تحت لواء القائد العام للقوات المسلحة ومشرّع بقانون، أما الفصائل فهي من تشكيلات الحشد لكنها تمتلك رؤية عقائدية وتستجيب لما تراه مناسباً، ولا تأتمر بإمرة القائد العام، وهنا المفارقة".
ويضيف الشمري، أن "أميركا تسعى للتخلص من هذه الفصائل بأي طريقة وشكل وثمن، كونها خارج إطار الدولة ولها مواقف معادية معها"، موضحا ان "طهران ستفعل بما في صالحها وما يخدم مصالحها، فهي دولة ذكية وتمتلك رؤية سياسي؟".
لكن مدير مركز الرؤية الجديدة للدراسات والإعلام في طهران، مهدي عزيزي، يؤكد أن "إيران لا تحتاج إلى حرب بالوكالة ولا تحتاج إلى وكيل، أما المقاومة الإسلامية في العراق فهي لديها قرار مستقل وتدافع عن السيادة العراقية لمواجهة الغطرسة الأميركية والعدو الإسرائيلي، لذلك هي شأن عراقي داخلي ولا يتعلق بالمحادثات الإيرانية الأميركية".
ويكشف عزيزي، أن "هناك ضغوطاً ومحاولات إعلامية وسياسية من أجل استخدام المباحثات الإيرانية الأميركية لأحياء فكرة مطالبة واشنطن بحل الفصائل، وهذه صورة خاطئة، لأن إيران لن تتخلى عن دعمها الإقليمي في الدفاع عن محور المقاومة وفصائله في فلسطين ولبنان والعراق واليمن وسوريا، وهذا من مبادئها وثوابت الجمهورية الإسلامية".
ورغم ذلك، يبدو أن مصير الفصائل يبقى مرتبطاً بنتيجة المواجهة الإيرانية الأميركية سواء حسمت بالحرب أم بالسلم، بحسب المختص في الشؤون السياسية الأميركية، عقيل عباس، مبيناً أن "أميركا ومعها إسرائيل تدعم تفكيك الفصائل والحشد الذين يعتبرونه جزءاً من محور المقاومة".
وعن كيفية هذا التفكيك، يقول عباس لوكالة شفق نيوز، إن "الصورة لا تزال غير واضحة، لكن أقصى ما يمكن أن يُعرض عراقياً هو دمج الفصائل في الجيش، ما يطرح التساؤل عن كيفية هذا الدمج هل سيكون كأفراد أم كفصائل، وفي حال تم دمجهم كفصائل في الجيش فهذا لن يكون ذا جدوى، وأميركا لن توافق على ذلك".
ويضيف عباس في تحليله، "لكن إذا تم توزيع الفصائل كأفراد فهذا غير واضح أيضاً في كيفية تطبيقه، لكن عموماً سوف لن تبقى الفصائل بقوتها السابقة لأسباب مختلفة لا تتعلق بالضغط الأميركي فقط وإنما حتى عراقياً".
وفي السابع من شهر نيسان ابريل الجاري، كشف عشرة من كبار القادة والمسؤولين العراقيين، عن استعداد فصائل مسلحة "قوية" مدعومة من إيران، "لأول مرة" لنزع سلاحها، وذلك من أجل تجنب خطر تصاعد الصراع مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبحسب المصادر، تأتي هذه الخطوة لتهدئة التوتر في أعقاب تحذيرات متكررة وجهها مسؤولون أميركيون بشكل غير رسمي، للحكومة العراقية منذ تولي ترامب السلطة في يناير/كانون الثاني.
وأضافت المصادر، أن "المسؤولين أبلغوا بغداد بأنه ما لم تتخذ إجراءات لحل الفصائل النشطة على أراضيها، فإن واشنطن قد تستهدفها بغارات جوية".